وديع عواودة-حيفا
رغم العقبات التي تضعها السلطات الإسرائيلية اتفق عشرات المستثمرين ورجال الأعمال الفلسطينيون من طرفي الخط الأخضر على رفع سقف التعاون الاقتصادي، في حين يرى خبراء أن التكامل الاقتصادي بينهم مفقود.
وقام وفد من رجال الأعمال العرب في منطقة النقب داخل أراضي 48*قبل أيام بزيارة الخليل، المدينة المجاورة في الضفة الغربية المحتلة عام 1967.
والتقى الوفد المكّون من عشرات رجال الأعمال*بلجنة إعمار الخليل ورئيسها*الدكتور علي القواسمي، الذي استعرض الانتهاكات الإسرائيلية واعتداءات المستوطنين.
وأوضح رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة الخليل المهندس محمد غازي الحرباوي أن الناتج الاقتصادي لمحافظة الخليل يشكّل 37% من مجمل الناتج الاقتصادي في أراضي السلطة الفلسطينية.
وأشار إلى أهمية البعد السياسي في التعاون الاقتصادي، وقال إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل مساعيه الحثيثة لتقسيم الشعب الواحد، داعيا إلى إفشالها بالتعاون وتوطيد العلاقات في مجال الاقتصاد والتجارة.
وإضافة للمنتدى المشترك لرجال الأعمال من محافظة الخليل ومنطقة النقب، اتفق على إقامة شركة مشتركة لتطوير الاقتصاد والتجارة، ومعرض لصناعات محافظة الخليل في الجليل والداخل الفلسطيني، وفتح خط إنتاج ومصانع مشتركة وافتتاح فروع للمصانع الفلسطينية في المناطق الصناعية في الداخل.
عضو الكنيست طلب الصانع من الحزب الديمقراطي العربي، الذي رافق وفد الداخل للخليل، شّدد على حيوية المشاريع المساهمة في التكامل الاقتصادي بين أبناء الشعب الواحد.
تبادل الخبرات
وشدد الصانع على أهمية تبادل الخبرات والقدرات والمعرفة من أجل المصلحة الفلسطينية العامة في أراضي السلطة الوطنية وفي الداخل الفلسطيني.
وردا على سؤال للجزيرة نت أشار الصانع إلى أن الاحتلال لم يتخل يوما عن مساعي الهيمنة على الاقتصاد لاعتباره رافعة للنضال والصمود بالنسبة للفلسطينيين، معتبرا أن الداخل عمق إستراتيجي للشعب الفلسطيني.
من جهته أكد الخبير الاقتصادي البارز أمين فارس للجزيرة نت أن التعاون من أجل تكامل اقتصادي مفيدٌ ويحتاج لتنفيذ عملي ومثابر ولتعاون باتجاهين، محذرا من الاكتفاء باستغلال فلسطينيي الداخل لإنعاش أسواق الضفة الغربية فحسب.
وأشار فارس إلى أن الوضع الاقتصادي لفلسطينيي الداخل غير مريح رغم أن معدل دخل الفرد لديهم يصل إلى*20 ألف دولار سنويا، أي أكثر بعشرين ضعفا من نظرائهم في الضفة الغربية، محذرا من استغلالهم محركا فقط لعجلة الاقتصاد الفلسطيني.
وأضاف أن "فرص التطوير الاقتصادي المتاحة أمامهم قليلة جدا لأن المصارف تخنقهم بفوائدها الباهظة وهناك التمييز الإسرائيلي ضدهم، وفي المقابل فرصة التعاون مع الأشقاء في الضفة متوفرة وتنتظر من يستغلها قولا وفعلا".
وحذر من خطورة بقاء فلسطينيي الداخل مستهلكين لبضائع ومنتجات الضفة الغربية من خلال زياراتهم لأسواقها أو تسويقها في الداخل.
ونوه إلى أن حجم التبادل التجاري حتى الآن لا يتجاوز*بضع عشرات ملايين الدولارات بينما يبلغ حجم التبادل التجاري بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية أكثر من ثلاثة مليارات دولار معظمه صادرات إسرائيلية.
كما أشار إلى التبعات السلبية للتعويل على الاستهلاك فقط كالتباطؤ في مرافق اقتصادية كبيرة، مضيفا أن تجار الأغذية على أنواعها وأصحاب الورشات وعيادات الأسنان وغيرها داخل أراضي 48 يشكون من ضعف السوق بسبب إقبال الجمهور على أسواق الضفة الغربية بحثا عن التسوق والترفيه.

"
حجم التبادل التجاري حتى الآن بين الضفة وفلسطينيي الخط الأخضر لا يتجاوز بضع عشرات ملايين الدولارات بينما يبلغ حجم التبادل التجاري بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية أكثر من ثلاثة مليارات دولار معظمه صادرات إسرائيلية"
البوابة الفلسطينية
ويرى أن التعاون ينبغي أن يكون بالاتجاهين من خلال مشاريع اقتصادية مشتركة، ويوضح أن بوسع فلسطينيي الداخل -مثلا- تقديم المعرفة والكفاءات التقنية والعلمية، في حين يوفر مستثمرون من الضفة الغربية رأس المال من أجل بناء خطوط إنتاج تسوق للعالم العربي عبر البوابة الفلسطينية.*وهذا ما يؤكده أيضا المدير العام للغرفة التجارية في الناصرة* هاني الفار الذي يشير إلى إمكانية تسويق منتجات مرافق اقتصادية مشتركة لأوروبا والعالم من خلال فلسطينيي الداخل مباشرة.
ويضيف أنه في 2007 عقد أكبر مؤتمر اقتصادي في نابلس لفلسطينيين من طرفي الخط الأخضر وتقرر العمل من أجل التكامل، معربا عن أمله في أن مبادرة النقب، الجليل والخليل، فاتحة خير.
يشار أن المؤتمر المذكور أوصى*بتعزيز الشراكة المميزة بين القطاع العام والخاص واستكمال القوانين والتشريعات اللازمة لرفع جاذبية مناخ الاستثمار في فلسطين وتعزيز التعاون مع فلسطينيي الداخل.
وقال وزير الاقتصاد المستقيل حسن أبو لبدة بالمؤتمر إن السلطة الوطنية أنجزت تعديل القوانين لإتاحة الفرصة أمام فلسطينيي 48 لتأسيس شركات استثمارية تسجل بأسماء أصحابها بدلا من البحث عن شركاء محليين في الأراضي المحتلة عام 1967.
ويوضح*الفار*أن ذلك لم ينجز بعد، لافتا إلى أن الغرفة التجارية في الناصرة والجليل تعمل منذ عامين على تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي الحقيقي بين الضفة الغربية والداخل، وأن هناك خططا لرفع سقف التعاون أيضا مع غزة.