عوض الرجوب-الخليل
دعا خبراء ومختصون الجهات الرسمية والمجتمع الفلسطيني إلى تبني سياسة تنموية واقتصادية مقاومة للحصار وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، لكنهم أشاروا إلى قيود تمنع الجهات الرسمية من المضي قدما وبجدية نحو هذا الخيار.
ورحب هؤلاء -في أحاديث منفصلة للجزيرة نت-*بخطوات اتخذتها التحميل
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل لمشاهدة الرابط للتسجيل اضغط
هنا] لتشجيع المنتج المحلي، لكنهم أكدوا أن سياسة الانفتاح على السوق الدولي والإسرائيلي لا تُمكّن المنتج المحلي من المنافسة ونيل ثقة المستهلك.
وكانت الحكومة الفلسطينية في رام الله قررت منذ أيام منح المنتج الوطني أفضلية في العطاءات والمشتريات الحكومية، بينما أكد وزير الاقتصاد الوطني جواد الناجي -خلال مؤتمر حول الاقتصاد المقاوم بمدينة الخليل أمس الاثنين- شروع الحكومة من خلال الدول المانحة في تخصيص برامج من شأنها دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
تنمية بالحماية
ولا يفضل مدير مركز مشرق للدراسات الثقافية والتنموية عادل سمارة إطلاق تسمية "اقتصاد مقاوم" للحصار والاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني، ويفضل بدلا منها استخدام عبارة "التنمية بالحماية الشعبية"، ويرى أنه لا إمكانية لوجود اقتصاد مقاوم بالمفهوم الرسمي، والسبب أن الاقتصاد الفلسطيني مرتبط باقتصاد إسرائيل من خلال برتوكول باريس وبالاقتصاد الدولي، ولا سيادة سياسية على الأرض للسلطة الفلسطينية.
"
عادل سمارة:
لا إمكانية لوجود اقتصاد مقاوم بالمفهوم الرسمي، والسبب أن الاقتصاد الفلسطيني مرتبط باقتصاد إسرائيل من خلال برتوكول باريس وبالاقتصاد الدولي، ولا سيادة سياسية أو على الأرض للسلطة الفلسطينية
"
ويضيف سمارة أن الإمكانية المتاحة في هذا المجال هي "التنمية بالحماية الشعبية"، أي باعتماد الناس على أنفسهم وعلى ما تبقى من الأرض، واستغلالها في العمل الزراعي والصناعي لإنتاج الحاجات الأساسية للسوق المحلي، معتبرا ذلك حلا قويا، "أو على الأقل مدخلا معقولا لحماية الاقتصاد المحلي عبر الاعتماد على الذات والإمكانيات الموجودة".
ودعا المتحدث نفسه إلى توجه القوى الشعبية والمجتمعية لإعادة استغلال الأرض التي لم يصادرها الاحتلال ولم تستغل بعد، واعتماد برنامج للسُلف وتنمية، وإعادة استغلال الأرض لتشغيل العمالة وتحقيق كفاية معقولة للحاجات الغذائية للمجتمع، "وهذا ما حصل في الانتفاضة الأولى".
تحديات وارتباطات
وأشار الاقتصادي الفلسطيني إلى وجود تحديات تتعلق بفتح وإغراق الأسواق المحلية بالمنتجات الإسرائيلية والأجنبية، وتوجه رجال الأعمال إلى قطاع الخدمات بدل قطاع الصناعة، وإعادة تصنيع المنتجات الزراعية بدل إتلافها لتلافي تكبد خسارة جراء انخفاض أسعارها.
وقلل سمارة من أهمية القرار الحكومي بإعطاء أولوية للمنتج المحلي، "لأنهم يؤمنون بالليبرالية الجديدة وفتح الأسواق للمنتجات الأجنبية، ولا قناعة داخلية به".
ويشير الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية الفلسطينية جمال جوابرة إلى أن الاقتصاد الفلسطيني "صامد ومقاوم منذ عام 1967 ويمكنه الاستمرار"، لكنه أشار إلى ارتباطات متزايدة وشائكة للاقتصاد الفلسطيني نتيجة إجراءات وسياسات الاحتلال، تجعل قيام هذا الاقتصاد بذاته صعبا.
وأشار إلى أن إجراءات الاحتلال تزيد تكاليف الإنتاج لأي مشروع، معربا عن أمله في أن يساعد قرار الحكومة بتفضيل المنتج المحلي في العطاءات على صمود هذا الاقتصاد وتنميته "بعد أن كانت العطاءات لا تهتم بهذا المنتج".
اقتصاد ممانع
من جهة أخرى، شدد المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم على أهمية المناهج والسياسات الاقتصادية بالدرجة الأولى، لإيجاد "اقتصاد ممانع" يساهم في تمكين الفرد الفلسطيني اقتصاديا، وتوسيع خياراته بما يساعده على الصمود وعدم فقدان الأمل.
واعتبر عبد الكريم*أن من*الضروري تعزيز إمكانيات الأفراد والمؤسسات الاقتصادية، خصوصا تلك الواقعة في مناطق المواجهة المباشرة مع الاحتلال والاستيطان، مشيرا إلى أهمية دعم المزارعين ومساعدة الخريجين في البدء بمشاريع اقتصادية، وتوفير رعاية صحية مناسبة، ومنح امتيازات ضريبية في تشكيل اقتصاد ممانع.
وطالب المحلل الاقتصادي الفلسطيني الحكومة باتخاذ سياسات تعطي أولوية للمنتج الوطني في السوق المحلي، وتنمية ثقافة الاستهلاك الوطني، مشيرا إلى غياب هذه السياسات عن برنامج الحكومة منذ عام 2007.
ووصف قرار الحكومة*بشأن*المنتج المحلي بأنه "متأخر"، لكنه "يعطي رسائل إيجابية وجيدة إذا تم الالتزام به"، مشيرا إلى أن الحكومة تستهلك سلعا تصل قيمتها إلى 600 مليون دولار في السنة.