أزمة المركز و الإقليم تلقي بظلالها على جذب الاستثمارات الأج
أكّد تقرير اقتصادي متخصص أن مصير الاقتصاد العراقي مرهون بحل الخلافات السياسية بين الكتل و الأحزاب السياسية هناك. و أوضح المركز أن هذه الخلافات انعكست بشكل واضح على السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة العراقية حتى مع شركائها و حلفائها.
و بيّن مدير المركز العالمي للدراسات التنموية و مقره العاصمة البريطانية لندن الخبير الاقتصادي صادق حسين الركابي بأن الحكومة العراقية تتنافس مع ذاتها و تعرقل مشاريع يمكن أن تعود بالنفع على العملية التنموية هناك.
و قد بدا هذا الأمر واضحا ً في التهديدات الأخيرة التي وجهتها الحكومة العراقية إلى كل من شركتي شل و إكسون موبيل النفطيتين بحظر التعاون معهما و خسارة كافة الاتفاقيات المبدئية المبرمة معهما في حال وقعتا على عقود مع حكومة إقليم كردستان العراق.
و قد اضطر هذا الامر شركة شل إلى التخلي عن عقودها المبرمة مع إقليم كردستان لصالح عقدها مع الحكومة العراقية و الخاص بتطوير حقول النفط و الغاز في الجنوب بقيمة 17 مليار دولار ، في حين أن شركة إكسون موبيل قد تخسر عقودها في جنوب العراق إذا ما استمرت في تطويرها لحقول النفط في إقليم كردستان.
وعبر المركز عن قلقه لموقف الحكومة العراقية وسط تخوّف من عملية إرباك واضحة للشركات الراغبة في الاستثمار في القطاع النفطي بشكل خاص، لا سيما و أن العديد من القوانين المهمة لم يتم حسمها بعد كقانون النفط و الغاز و كذلك ما يتعلق بالمناطق المتنازع عليها كقضية كركوك و قانون الموارد المالية المخصصة للإقاليم.
و أضاف المركز في تقريره أن موقف الحكومة الاتحادية في بغداد سيكون له آثار سلبية كبيرة على مستقبل الاقتصاد العراقي و يبعث برسائل مقلقة للشركات العالمية التي ستتردد كثيرا ً قبل دخولها إلى السوق العراقية.
و شدّد على ضرورة استفادة الحكومة الاتحادية من التجربة الناجحة لإقليم كردستان و التي ساهمت في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية إلى أكثر من (17 مليار دولار) خلال العام الحالي أي ما يعادل ما نسبته قرابة (35 %) من حجم الاستثمارات الأجنبية في عموم العراق و تمكنت من رفع حجم التبادل التجاري بين الإقليم و الدول المجاورة إلى قرابة (6 مليار دولار) كما نجحت في جذب أعداد كبيرة من الشركات الأجنبية التي وصل عددها إلى أكثر من (1600) شركة أجنبية ، فضلا ً عن شركات القطاع الخاص المحلية التي تساهم في دعم اقتصاد الإقليم.
و أبدى التقرير استغرابه من اعتراض الحكومة العراقية على العقود التي توقعها الشركات الأجنبية مع حكومة الإقليم كونها تصب في مصلحة العراق كدولة ، متسائلا ً عن عدم قدرة الحكومة الاتحادية في بغداد على تحقيق ذات الإنجازات التي حققتها حكومة إقليم كردستان الذي يحصل على 17% فقط من الموازنة العامة للدولة العراقية.
كما أوضح أن سوء إدارة الثروات و الموارد المالية في العراق و ما يتبعه من عمليات فساد مالي و إداري واضحة قد ساهمت بشكل كبير في سعي بعض الحكومات المحلية لتشكيل أقاليم على غرار التجربة الناجحة لإقليم كردستان العراق. في حين أن الحكومة العراقية ما تزال غير قادرة على الخروج من الأزمات السياسية و الاقتصادية التي تعيشها.
و حذر المركز من أنه إذا لم تتمكن الحكومة العراقية من تغيير سياستها و نظرتها إلى المتغيرات الإقليمية فإن الأمور لن تكون في صالحها ، خاصة و أن الأزمة المالية العالمية تنذر بركود عالمي واسع و اضطرابات اقتصادية كبيرة. لذا فعلى الحكومة العراقية أن تدرك أهمية بناء التحالفات الاقتصادية و الاستراتيجية مع الدول المؤثرة في المنطقة والابتعاد عن عقلية السيطرة و النفوذ المركزي التي تضر بالاقتصاد العراقي و تقوضه.
|