مصر..دعم الطاقة يتجاوز الإنفاق على التعليم والصحة
أظهرت دراسة أن بند دعم الطاقة في الموازنة الأخيرة يلتهم 19 في المئة من الإنفاق العام في الموازنة المصرية، وأن برامج الدعم الحكومي المصري دليل فظّ على استمرار انحياز الدولة ضد الفقراء.
وأكد مدير قسم العدالة الاقتصادية والاجتماعية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عمرو عادلي، أن الدعم لا يصل إلى غالبية المصريين المستحقين.
ويصف عادلي وفقا لصحيفة الحياة الإنفاق العام بأنه لا يفتقر فقط إلى الحوكمة الاقتصادية، فهو يزيد من معدلات الاستهلاك غير الفعّالة للطاقة في الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة، لكنه لا يفي بأي غرض اجتماعي حقيقي يهدف إلى رفع مستوى معيشة الفقراء الذين باتوا يمثلون نحو نصف سكان البلاد.
ويضيف: "يكفي أن نحو ربع قيمة الطاقة المدعومة تذهب إلى قطاع الصناعة، لا سيما الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة، كالإسمنت والأسمدة والحديد والصلب والألومنيوم والزجاج والسيراميك".
وأكدت الدراسة أن سياسات دعم الطاقة طيلة اعوام النظام السابق اعتراها الفشل، وكانت تعتمد على تأمين أسعار طاقة رخيصة بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات، لكن بكلفة كبيرة ومضنية للاقتصاد، كما ساهم في تلويث البيئة وزيادة كلفة الصحّة العامة، إضافة إلى أنه لم يحسّن فرص مصر التنافسية في الاقتصاد العالمي. وأشار عادلي إلى أن هذه السياسة غير قابلة للاستمرار بحكم محدودية احتياط مصر من الطاقة.
وتشير الأرقام إلى أن دعم الطاقة في السنوات الست الماضية بلغ نحو أربعة أضعاف الإنفاق على الصحّة في الموازنة العامة للدولة، وضعفي الإنفاق على التعليم. ويذكر أن البنك الدولي أشار إلى أن إلغاء دعم الطاقة في مصر سيزيد من فرص حدوث الفقر بمقدار لا يتعدى 1.4 في المئة من السكان، ما يعني أن المستفيدين من دعم الطاقة هم إما أصحاب صناعات كبيرة مستهلكة للطاقة وذات رأس مال ضخم، وإما من الطبقات المتوسطة والعليا، بينما لا يستفيد الفقراء منه نظراً لضعف استهلاكهم للطاقة، إذ لا يملكون سيارات أو عقارات كبيرة أو حتى أجهزة تكييف.
ولفتت الدراسة الى ان الوقت مواتٍ للبدء في خفض دعم الطاقة، بدءاً بقطاع الصناعة، ما يعني خفض ربع قيمة هذا الدعم دفعة واحدة، والعمل تدريجاً على إلغاء ما تبقى من دعم على الطاقة، وتحويل جانب من تلك الأموال إلى برامج دعم يستفيد منها الفقراء والفئات المهمشة.
وطالبت الدراسة مجلس الشعب المنتخب بإعادة تقويم برنامج دعم الطاقة برمّته، مستهدفاً العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية وخفض العجز في الموازنة العامة، كما طالبت بخفض سريع للدعم المقدم للصناعات المستهلكة للطاقة، والذي يشكل نحو ?? في المئة من تكاليف الدعم الإجمالي، ما يوفر نحو 20 بليون جنيه. وأوصت باتخاذ تدابير سريعة لاحتواء أثر هذه الزيادة، كي لا تقوم الشركات الكبرى بنقل الكلفة إلى المستهلك عبر رفع الأسعار.
واختتم عادلي مطالباً السلطات الجديدة، بأن تستجيب المطالب الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، بدلاً من أن تعتمد موازنة هي نسخة مكررة من موازنات وزير المال السابق، المنحازة إلى رأس المال الأجنبي والمصري على حد سواء، على حساب ملايين الفقراء والمهمشين.
|