|
المنتدى العام للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
مصر بين الحدود المقدسة والتاريخ العريق
بقلم: م. محمد إلهامي[1] في موضوع السيادة المصرية على الحدود تبرز أمورًا كثيرة مثيرة للدهشة، غير أن أكثرها إدهاشًا -عندي على الأقل- هي تلك الحماسة الهادرة في الحديث عن تاريخ مصر وحضارة مصر وعراقة مصر، ومصر منذ فجر التاريخ... إلى آخره. ثم حماسة أخرى لا تقل قوة عن أختها "التاريخية" في الدفاع عن "الحدود المصرية" التي صارت تمثل كل معاني السيادة والكرامة والشرف، إلى الحد الذي شعرنا معه وكأن مجرد المساس بهذه السيادة هو عمل لا يمكن غفرانه، بل هو جريمة شرف لا يمحوها إلا الدم، وكأننا عدنا إلى عصر داحس والغبراء وحروب الجاهلية القديمة. ودعك الآن من أن كل هذه المعاني لا تنصرف إلا للحدود مع قطاع غزة، وكأن الحدود مع السودان وليبيا وإسرائيل لا تسمى حدودًا. ثم دعك أيضًا من هذا "الانتهاك" (يا للهول!) هو أنفاق تحت الأرض، بل هي أبسط أنواع الأنفاق من حيث التجهيزات والإمكانيات المتواضعة. الحماستان هادرتان.. ومتلازمتان، وتقرؤهما معًا في نفس المقال، وتسمعهما معًا في نفس البرنامج ومن نفس المتحدث.. وبنفس الحماسة. المثير للدهشة، بل المفجر للذهول، أن مصر التاريخ والحضارة والعراقة والفراعنة.. وحتى مصر عبد الناصرلم تكن حدودها تتوقف عند رفح أبدًا، وأكاد أقول: إن مصر لم تتوقف عند رفح عبر كل تاريخها إلا بعد التقسيم الاستعماري الشهير الذي رسم حدود الدول العربية، فقسَّم بلادًا قديمة وأنشأ بلادًا جديدة، ومن الطريف أنه قسَّمها على الورق أولاً لا على الأرض، فصارت خريطتنا العربية ممتلئة بالخطوط المستقيمة التي هي واقعيًّا تقسِّم القبيلة الواحدة والعشيرة الواحدة والقرية الواحدة. وهذا ما حدث عند رفح، فصارت لدينا رفح مصرية وأخرى فلسطينية.. هكذا ببساطة!! أي أن حدود مصر "المقدسة" صُنعت لها ولم تصنعها هي؛ أي أنها حدود تعبر عن مرحلة من "العار" والضعف والهزيمة والعجز، بما يجعل من ضروريات العراقة والحضارة والتاريخ والسيادة والكرامة وسائر المصطلحات المتحمسة أن تتمرد على هذه اللحظة التاريخية الضعيفة التي صنعت لنا الحدود. أو ربما لدينا حل آخر مناسب! أن نوافق ونرضى ونقر بهذه الحدود "المقدسة"، ونعتبر أن كل هذا التاريخ والعراقة والحضارة وأمجاد الفراعنة والفاطميين وحطين وعين جالوت ومحمد علي كانت "خروجًا" عن هذه الحدود "المقدسة"، وبالتالي فهي كلها "تعديات" على سيادة وكرامة دول أخرى كثيرة. فالفراعنة الذين وصلوا إلى آسيا الصغرى ومنابع النيل كانوا غزاة محتلين، لا سيما رمسيس الثاني الذي كان أكثرهم غزوًا واحتلالاً، وكذلك العبيديون (الفاطميون) الذين حكموا مصر والشام والحجاز، ثم الأيوبيون الذين حكموا شمال إفريقيا حتى تونس، وحكموا جنوبًا حتى اليمن، إضافةً إلى بلاد الشام والسودان طبعًا، وكذلك المماليك، وكذلك محمد علي. نستطيع أن "نقدِّس" حدودنا مع رفح، فقط إذا حذفنا كل تاريخنا أو رفضناه. من العظيم أن نكون ذوي مبادئ واضحة، وأن نكون منسجمين مع أنفسنا؛ إمَّا أننا الحضارة والتاريخ والعراقة فيصبح تقسيم بلادنا بل تقسيم قرية رفح (التي كانت دائمًا مصرية)، هي لحظة ضعف تاريخية يجبرنا التاريخ والحضارة على التمرد عليها. وإمَّا أن تاريخنا كله اعتداءات وتعديات واحتلالات، فنحن نتقدم بالاعتذار لكل هذه الشعوب التي انتهكنا سيادتها وكرامتها وهددنا لها "الأمن القومي". أما أن يتحمس الشخص ذاته، في المقال الواحد، في السطر الواحد، للتاريخ والحضارة والعراقة ولحدود رفح المقدسة، فهذا عسير في الفهم، عويص حتى على منطق أرسطو. ودع الآن جانبًا قضية القيم الإنسانية والأخوة ومصطلحات القومية والعروبة والأشقاء. [1] باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية . التعديل الأخير تم بواسطة Silver ; 2010-01-20 الساعة 04:48 PM |
#2
|
||||
|
||||
مشكور ليك على هذه المعلومات
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
المقدسة, الحدود, العريق, والتاريخ |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|