نزيف الإقتصاد المصري مستمر بانتظار جرعات الانعاش

[admin]

العربية.نت بدأت أحداث عام 2011 في مصر بإندلاع ثورة الخامس والعشرين من شهر يناير، وما بين بدايتها ونهايتها بتنحي مبارك سلسلة طويلة من الخسائر تكبدها الاقتصاد المصري.

فالثورة لم تدُم سوى ثمانية عشر يوما، إلا أن فاتورتها بلغت مليار دولار أي خمسة وخمسين مليون دولار يوميا. ولم تتوقف الخسائر بعد خطاب التنحي بل اشتد نزيفها لتتضاعف الى ستة مليارات دولار بحسب معهد التخطيط القومي.

وبعد مرور عام على انطلاقة الثورة الخامس والعشرين من يناير، لا يوجد تقديرات رسمية لحجم الخسائر لصعوبة رصدها لكنها تترواح ما بين 66 و110 مليارات دولار بحسب مركز الدراسات الاقتصادية.

وتشمل قطاعات عدة بينها السياحة والطيران الذي تجاوزت خسائره ثلاثة مليارات دولار في 9 أشهر وشهد انخفاض نسبة المسافرين بـ56%. كما تكبد قطاع الغاز خسائر نتيجة التفجيرات المستمرة.

في حين بلغ عدد المصانع التي تم إغلاقها على مدار الفترة الانتقالية أربعة آلاف وخمسمئة مصنع، مما أدى إلى فقدان 225 ألف عامل لوظائفهم.

ان تعويض هذه الخسائر التي ألمت بالاقتصاد المصري خلال عام يساوى عائدات قناة السويس على مدى 21 عاما. هذا عن خسائر العام الماضي، لكن ماذا عن انفاق الحكومة في عامها المالي الجديد؟ لقد تم رصد مبلغ 81 مليار دولار لإنفاق الحكومة نحو ثُلُثُها يذهب لدعم الوقود والسلع الأساسية بارتفاع قدره ثلاثةٌ وعشرون في المئة عن العام السابق مع سعي واضح للحكومة بتلبية المطالب الشعبية رغم ما يعنيه ذلك من ضغوطات مالية على الحكومة.

ربع الميزانية يخصص لأجور أكثر من ستة ملايين موظف حكومي وقد تم رصد مليار دولار لرفع الحد الأدنى لهذه الأجور إلى 700 جنيه أو 115 دولارا.

ماذا تعني هذه الارقام للمواطن المصري؟ اذا كان إجمالي نفقات العام يتجاوز ثمانين مليار دولار، فإن النفقات الشهرية للحكومة المصرية تقترب من سبعة مليارات شهريا أي ضعف القرض الذي تتفاوض للحصول عليه من صندوق النقد الدولي

في حين أن الاحتياطات الأجنبية البالغة 15.4 مليار دولار حاليا دولار تكفي مصر لاستيراد سلعها الأساسية لمدة ثلاثة أشهر ونصف فقط!!!
الجدل المستمر اليوم هو ما بين تلبية المطالب الشعبية بالرغم من الأعباء المالية التي تضعها على الحكومة، خاصة في بند دعم الوقود الذي يمثل ثلثي ميزانية دعم السلع الأساسية.

فسعر لتر البنزين في مصر يبلغ ثلاثين سنتا، أي أقل من دولة مثل الجزائر التي تحتل المرتبة الثالثة عشرة من حيث إنتاج البنزين وتاسع أكبر مصدر للعالم وأعلى بمعدل سبع سنتات عن دول خليجية مثل قطر والكويت، في حين أنها أقل بثلاثة أضعاف عن المملكة المتحدة وقد بلغ الدين العام مئتي مليار دولار العام الماضي، وعلى الرغم من انه أقل من نصف الدين العام لليونان، إلا أنه يمثل 85% من الناتج المحلي الإجمالي.

وبالتالي فكل مواطن مصري مدين بحصة تبلغ ألفين وأربعمئة وأربعين دولار من الدين العام، قد يبدو هذا المبلغ قليل اذا ما قارناه بالخمسين ألف دولار التي تمثل حصة المواطن أمريكي من الدين العام للولايات المتحدة ولكنها كبيرة اذا ما علمنا أن متوسط دخل الفرد المصري 2700 دولار فقط. ويبقى الاقتصاد المصري امام تحديات كبرة ولكن فرص اعظم للنمو اذا ما تم إصلاحه.