منتدي q8-one.com  

العودة   منتدي q8-one.com > ۝ المنتدى الإسلامي ۝ > منتدى نور الإيمان

منتدى نور الإيمان كل مايخص الدين الحنيف بدون تعصب او تحيذ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #81  
قديم 2010-08-23, 05:58 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي

بحث رائع: الدخان الكوني



حقائق جديدة يكشفها لنا العلماء حول الدخان الكوني تأتي لتشهد على صدق هذا القرآن، وأن الكلمة التي اختارها القرآن للتعبير عن بداية خلق الكون دقيقة علمياً، بينما نجد العلماء يتخبطون في ذلك..


في هذا البحث تتجلى أمامنا معجزة حقيقية في كلمة واحدة هي كلمة (دُخان) الواردة في القرآن الكريم أثناء الحديث عن بداية خلق الكون. وعلى الرغم من اعتراض المشككين على هذه الكلمة بحجة أن العلماء يسمون السحب الكثيفة المنتشرة بين النجوم يسمونها بالغبار، وهذا هو المصطلح العلمي، إلا أن القرآن يثبت يوماً بعد يوم صدق كلماته ودقة تعابيره، وهذا ما سنراه رؤية يقينية بالصور الحقيقية بالمجهر الإلكتروني.
صورة لما كان يعتقده العلماء غباراً كونياً، هذه السحابة تمتد لبلايين الكيلو مترات، ولكن ماذا تبين حديثاً؟ وهل كلمة (غبار كوني) دقيقة علمياً؟ ولماذا لم يستخدم القرآن كلمة (غبار)، بل استخدم كلمة (دخان)؟
يقول تبارك وتعالى في كتابه المجيد متحدثاً عن بداية خلق هذا الكون، وكيف أن السماء كانت في بداية خلقها دخاناً، وأن الله تعالى فصل بين هذه السماوات إلى سبع سماوات، يقول تبارك وتعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 11-12]. هذا النص القرآني العظيم فيه عدة معجزات علمية لم تتجلى إلا حديثاً جداً.
فطالما نظر العلماء إلى الكون على أنه مليء بالغبار الكوني، وكانوا كلما اكتشفوا سحابة يقولون إن هذه السحابة أو هذه الغيمة تتألف من ذرات الغبار. ولكن بعدما تطورت معرفتهم بالكون واستطاعوا إحضار هذه الجزيئات التي كانوا يسمونها غباراً كونياً جاؤوا بها إلى الأرض وأخضعوها للتحليل المخبري، فماذا كانت النتيجة؟
صورة لسحابة كثيفة من الدخان وقد كشفت لنا هذه السحابة الدخانية المظلمة النجوم القريبة منه، والتي تعمل مثل المصابيح التي تكشف الطريق أمام العلماء. وسبحان الله حتى هذه النجوم سخرها الله لنا لنرى بها الدخان الكوني ونستيقن بصدق هذا القرآن، وهنا ندرك ونفهم أكثر معنى قوله تعالى: (وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 54].
طائرة مجهزة بوسائل اختبار من أجل التقاط ذرات الغبار الكوني من حدود الغلاف الجوي والقادمة مع النيازك الصغيرة جداً، من أجل تحليلها في مختبرات وكالة ناسا. تأملوا معي كيف سخَّر الله لنا نحن البشر هذه الوسائل لنتعرف على بداية الخلق، ولكن للأسف القرآن يوجه النداء لنا نحن المسلمين (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)، ولكن الذي يستجيب له هم من غير المسلمين!!
يقول العالم الذي أشرف على هذا التحليل في مختبرات وكالة الفضاء الأمريكية ناسا:
"إن هذه الجزيئات التي كنا نسميها غباراً كونياً لا تشبه الغبار أبداً، وإذا أردنا أن نصف بدقة فائقة هذه الجزيئات فإن أفضل كلمة هي كلمة (دخان) وباللغة الإنكليزية تعني Smoke ".
صورة لمختبر تحليل الغبار الكوني The cosmic dust laboratory at the Johnson Space Center ويظهر العلماء الذين التقطوا ذرات من الغبار الكوني وأجروا تحليلاً دقيقاً له، وهذا الغبار التقطته إحدى مراكب الفضاء، وتبين بما لا يقبل أدنى شك أن ما كانوا يظنونه غباراً لا علاقة له بالغبار وأن هذه التسمية خاطئة، وأن أفضل كلمة يمكن أن نعبر عن هذه الذرات هي (دخان)!
جهاز التحليل لذرات الغبار الكوني في مختبرات جامعة واشنطن، وهو أول جهاز في العالم يتم تصميمه لدراسة الكون داخل المختبر بدلاً من المناظير. وقد أثبت هذا الجهاز الطبيعة الدخانية للسحب الغازية والغبارية المنتشرة في الكون.
والعجيب أن هذه الكلمة (Smoke) يضعونها بين قوسين، لأنها كلمة جديدة عليهم ولكنها ليست بجديدة على كتاب الله تبارك وتعالى، كتاب العجائب الذي حدثنا عن هذا الأمر قبل أربعة عشر قرناً. ولذلك فإن الله تبارك وتعالى عندما حدثنا عن هذا الأمر حدثنا بكلمة دقيقة وهي الكلمة ذاتها التي يستخدمها العلماء اليوم للتعبير عن حقيقة هذا الدخان الكوني.
ويقول العلماء اليوم بالحرف الواحد:
إن انفجار السوبر نوفا (انفجار النجوم) والتي تبث كميات كبيرة من الدخان، تعطينا حلاً لسر من اسرار الكون ألا وهو وجود كميات ضخمة من الدخان الكوني في بدايات نشوء الكون.
إذاً العلماء يؤكدون أن الكون في بداياته كان مليئاً بالدخان!! أليس هذا ما يقوله القرآن في قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ )؟!
من الحقائق الهامة في علم الفلك اليوم أن الدخان الكوني ينتشر بكميات هائلة في الكون، وهو يحجب الضوء الصادر عن معظم النجوم. هذا الدخان يغطي سطح الكواكب، ويمكن لسحب الدخان العملاقة أن تشكل النجوم والمجرات، إذاً الدخان هو أساس مهم في بناء الكون. ويؤكد العلماء أن هذا الدخان موجود منذ بدايات خلق الكون.
طالما تحدث علماء الغرب عن "سحب من الغبار" منتشرة في هذا الكون الواسع، ولكنهم أخيراً بدأوا يعترفون أن هذه التسمية ليست دقيقة علمياً، بل إن كلمة "دخان" هي الأدق، ولذلك يقولون بعدما اكتشفوا الدخان المنبعث من انفجارات النجوم Smoking Supernovae :
"إن الغبار الكوني هو عبارة عن جزيئات دقيقة من المادة الصلبة تسبح في الفضاء بين النجوم. إنها ليست مثل الغبار الذي نراه في المنازل، بل شديدة الشبه بدخان السيجارة. إن وجود هذا الدخان الكوني حول النجوم الناشئة يساعدها على التشكل، كذلك الدخان الكوني هو حجر البناء للكواكب".
والآن لنتأمل بعض الصور الحقيقية لجزيئات الدخان الكوني، سواء التي التقطتها عدسات مرصد هابل الفضائي، أو التي خضعت للتحليل المباشر تحت المجهر الإلكتروني.
جزيئة دخان كوني كما تبدو من خلال المجهر الإلكتروني، ونلاحظ أنها تتألف من عدد كبير من الجزيئات الصغيرة، وهذه الجزيئة تشبه إلى حد كبير جزيئات دخان السيجارة. وقد التقطت على سطح أحد النيازك الساقطة على الأرض. وهي أول صورة لجزيئات الغبار الكوني وتبين أن قطرها بحدود 3 مايكرو متر (وقد تصل إلى 50 مايكرو متر)، وأنها تتركب بشكل أساسي من الكربون والسيلكون وهما المركبان الأساسيان للدخان الذي نعرفه.
هذا الدخان نتج عن انفجارات النجوم، وقد يكون نتج عن الانفجار الكوني الكبير في بداية الخلق، ويؤكد العلماء أن حجم السحب الدخانية قد يكون أكبر من حجم النجوم في الكون! وهي تسبح بشكل دائم، وهناك احتمال كبير أن يقترب هذا الدخان الكوني من رؤوسنا!!
أي أن العلماء لا يستبعدون أن تقترب منا سحابة دخانية تظلُّ الأرض بل وتخترق الغلاف الجوي! والعجيب أن القرآن قد أخبر عن حدوث هذا الأمر وهو من علامات الساعة، وأن الله سيكشف هذا الدخان ويمهل الناس لأن الناس وقتها سيلجأون إلى الله تعالى، يقول تعالى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) [الدخان: 10-15].
صورة تمثل انفجار أحد النجوم في مجرتنا، هذا الانفجار يبث كميات هائلة من الدخان الكوني التي تُقذف بعيداً عن النجم، طبعاً هذه الصورة التقطت بواسطة الأشعة تحت الحمراء، لأن هذا الدخان لا يُرى بسبب بعده عنا. الدخان الصادر عن الانفجارات النجمية ينتشر بكميات هائلة في الكون من حولنا.
أحبتي في الله! لقد تقصَّدتُ وضع كمية من الصور وعدد من أقوال العلماء بحرفيتها في هذا البحث لتكون الحقائق التي نقدمها يقينية لا تقبل الجدل، ولو سألنا اليوم أي عالم في وكالة ناسا أيهما تفضل أن تطلق على هذه السحب الكونية: غبار أو دخان، سيقول على الفور إن كلمة "دخان" هي التي تعبر تعبيراً دقيقاً عن حقيقة هذه السحب، وسؤالنا لأولئك المشككين: أليس هذا ما فعله القرآن عندما أطلق كلمة (دخان) قبل علماء وكالة ناسا بأربعة عشر قرناً؟؟!
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
  #82  
قديم 2010-08-24, 08:15 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي

الحياة في الكون


ما أكثر الآيات التي تستحق الوقوف أمامها طويلاً، ومن الآيات العظيمة التي حدثنا الله فيها تبارك وتعالى عن معجزة من معجزاته في رحاب هذا الكون يقول عز وجل: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) .....




إن الذي يتأمل كلمات هذه الآية يدرك أن هنالك مخلوقات كونية تعيش في الفضاء الخارجي، لأن الله تبارك وتعالى يقول: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا) أي في السماوات وفي الأرض. والسؤال: نحن الآن أمام حقيقة قرآنية يقينية، ونحن كمؤمنين نؤمن بكل ما جاء في هذا القرآن ونعتقد اعتقاداً جازماً أن هنالك مخلوقات تعيش في هذا الكون الواسع، قد تكون على كواكب أخرى أو في مجالات أخرى غير الأرض.
ولكن ماذا وجد العلماء حديثاً؟ في بداية القرن الماضي - القرن العشرين، بدأ سباق الفضاء، فبدأ الإنسان يخترع الطائرات، ثم اخترع المراكب الفضائية، وهكذا ففي عام 1962 قام أول رجل بالدوران حول الأرض، وهو رجل اسمه (غاغارين) طاف حول الأرض في مركبة فضائية، ثم تبعه بعد سبع سنوات في عام 1969 هبوط أول إنسان على سطح القمر، ثم توالت الرحلات الفضائية بشكل كثيف جداً، وأصبح هنالك تطور مذهل في علم الفضاء، فأصبح الإنسان يطور هذه الوسائل وسائل النقل إلى الفضاء الخارجي، وأصبح في كل يوم يخترع شيئاً جديداً ومراكب فضائية جديدة.
وهذا الأمر قد لفت انتباهي في آية أو في نص قرآني معجز يقول تبارك وتعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) [الانشقاق: 16]. الله سبحانه وتعالى يقسم بالشفق (بظاهرة الشفق) وهي ظاهرة جميلة جداً، ومحيرة أيضاً للعلماء، وربما يكون أجمل أنواع الشفق ذلك الذي يتجلى في منطقة (القطب الشمالي) للكرة الأرضية، وهو ما سماه العلماء الشفق القطبي، حيث تظهر السماء بألوان زاهية بالأخضر والأحمر والأصفر والأزرق وغير ذلك.
سبب هذا الشفق هو وجود جسيمات تأتي من الشمس (جسيمات كونية) أشعة كونية أو رياح شمسية تأتي من الشمس وتتفاعل مع طبقات الغلاف الجوي العليا وتتفاعل مع المجال المغنطيسي المحيط بالأرض وتنتج هذه الصور الإلهية الرائعة التي أقسم الله بها فقال: (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) [الانشقاق: 16]. (وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ) [الانشقاق: 17] أقسم الله بالشفق، وكذلك بالليل وما حوى هذا الليل، هذا فعل القسم فما هو جواب القسم؟ يقول تبارك وتعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) [الانشقاق: 19].
وهنا يتجلى أمامنا إعجاز إلهي ونبوءة بعصر الفضاء، فالقرآن الكريم عندما نزل في القرن السابع الميلادي لم يكن أحد يتخيل أبداً أنه سيأتي زمن وتتطور وسائل (هذه الوسائل المتاحة للخروج إلى الفضاء الخارجي) لم يكن أحد يتخيل ذلك، ولولا أن القرآن كتاب الله تبارك وتعالى لو كان كلام بشر لما رأينا فيه هذه الأحاديث التي تنبئنا بما يحدث أمامنا اليوم. وهذا الكتاب قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا تنقضي عجائبه) وما هذه الآيات الكونية التي تتجلى في القرآن الكريم إلا عجائب من عجائب هذا القرآن التي لا حدود لها.
هذا قسَم من الله تبارك وتعالى أنه سيأتي يوم وتأملوا معي هذه السلسلة من هذه الآيات الحديث عن ظاهرة الشفق، ثم الحديث عن ظاهرة الليل وما حوى في داخله، ثم الحديث عن القمر وظاهرة تناسق القمر بين يوم وآخر عندما يكون هلالاً ثم يصبح بدراً وهكذا يعود كما كان في نظام متناسق بديع، يقسم الله تعالى بهذه الظواهر الكونية أنكم أيها البشر (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) أي أن الإنسان لن يقتصر على ركوب الدواب والسفن والإبل التي سخرها الله له خلال آلاف السنين بل سيأتي زمن تتطور فيه العلوم ويركب هذا الإنسان طبقاً بعد طبق أي تتطور هذه الوسائل المستخدمة للنقل من القطار مثلاً، إلى الطائرة، ثم إلى المراكب الفضائية، ثم إلى المراكب الفضائية المتطورة جداً.
ولكن.. عندما خرج الإنسان إلى الكون ماذا وجد؟ عندما خرج الإنسان أولاً بدا بالصعود صعد على الجبال، ثم صعد بالمناطيد، ثم خرج خارج الغلاف الجوي. لقد وجد العلماء عندما صعدوا خارج الغلاف الجوي أن هذا الغلاف المؤلف من نسب محددة من الأوكسجين وغاز النيتروجين وغازات أخرى وجدوا أن نسبة الأوكسجين تتناقص في هذا الغلاف، فكلما صعدنا للأعلى وجدنا أن هذه النسبة تنخفض حتى تبلغ حدوداً حرجاً يستحيل معها على الإنسان أن يتنفس.
ولذلك فإننا نرى كيف أن المتسلقين على الجبال يحملون على ظهورهم اسطوانات الأوكسجين لأن نسبة الأوكسجين في أعالي هذه الجبال نسبة منخفضة فهم يلجؤون إلى هذه الطريقة. وهنا نحن أمام حقيقة علمية ثانية، وهي أن هذا الأوكسجين يتناقص كلما صعدنا في الجو.
ولكن السؤال: هل هناك إشارة قرآنية أيضاً إلى هذا الأمر؟ يقول تبارك وتعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 125] والصدر هو مستودع الذاكرة ومستودع العقل ومستودع الفقه.ففي هذه الآية الكريمة عدة حقائق علمية، فقد قررت أن الصعود في السماء والارتفاع عن الأرض يؤدي إلى تضيق الصدر، ونحن نعلم أن الإنسان لا يمكنه أن يعيش من دون هواء أو أوكسجين ولذلك عندما يصعد في هذه الطبقات تتناقص هذه النسب ولكنه يبقى على قيد الحياة يستطيع أن يتنفس، حتى يضيق صدره بسبب فارق الضغط لأن الضغط على سطح الأرض أو سطح البحر أكبر منه من الطبقات العليا، يعني على ارتفاع مثلاً 1000 متر الضغط أقل منه على سطح الأرض، وكلما ارتفعنا قلت نسبة الأوكسجين ونقص هذا الضغط (ضغط الهواء) نقص، وبالتالي الإنسان الذي تعود على نسبة معينة من الأوكسجين وضغط معين عندما يرتفع يصبح لدينا ضغط أقل مما يؤدي إلى استهلاك الكمية من الأوكسجين التي تبقى دائماً في الرئتين تخرج بشكل لا إرادي ويضيق هذا الصدر ويصل إلى الحدود الحرجة حتى يصل إلى الموت.
هذه الظاهرة الطبية والفيزيائية الدقيقة جداً وصفها لنا القرآن بعدة كلمات (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) [الأنعام: 125] وفي هذه الآية أيضاً مما يلفت الانتباه أن الله تعالى قال: (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) وليس (يصْعَدُ) لماذا؟ لأن هذه الكلمة تشير إلى جاذبية الأرض، كيف ذلك؟ نحن نعلم أن الأرض جعله قراراً وقال في ذلك: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) [غافر: 64]فهذه الأرض لها حقل جاذبية تجذب الناس إليها فيستقرون عليها، ولولا ذلك، لم تستقم الحياة أبداً.
فإذا أراد الإنسان أن يصعد في الجو فإن العملية تكون سهلة في البداية، يعني أول مئة متر، ثم تكون أصعب، وهكذا تزداد صعوبة حتى يخرج من الغلاف الجوي، لذلك يقول تبارك وتعالى: (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ) للدلالة على صعوبة الصعود وأن هنالك قوة الجاذبية التي تجذبه إلى الأرض.
وهكذا أصبح لدينا في آية واحدة عدة معجزات: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ) تجد أن هذا الصدر منشرح، وكأنه يأخذ الهواء والأوكسجين بشكل مريح جداً، (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 125] من هنا نستطيع أن نستنتج أن الله تبارك وتعالى يستخدم الحقائق العلمية ليشبه لنا حالة هؤلاء الكفار، حالة هؤلاء البعيدين عن كتاب الله تبارك وتعالى، دائماً يعطينا الحقيقة العلمية، ويعطينا الهدف منها يعني: انظر أيها الإنسان إذا أردت أن تعيش بغير هذا القرآن وبغير التعاليم التي جاء بها سيد البشر عليه الصلاة والسلام فإنما حالك كحال ذلك الإنسان الذي يعيش في جوٍّ ليس فيه أي هواء وصدره ضيق، وحرج، (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ). لذلك إذا علمت أن هذا القرآن فيه الحياة لك، (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا) [الأنفال: 24] لأن هذا القرآن وتعاليمه حياة بالنسبة للإنسان البعيد عن ذكر الله، حياة لكل خلية من خلايا جسدنا.
والآن نعود إلى الآية: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) [الشورى: 29] لقد أيقن العلماء حديثاً أننا لسنا نحن الوحيدين في الكون، هنالك مخلوقات أخرى، وأدركوا ذلك من خلال دراستهم للنيازك المتساقطة على الأرض.
فقبل عدة سنوات قام العلماء بتحليل عدد من النيازك، هذه النيازك استطاعت أن تخترق الغلاف الجوي وتستقر على الأرض، ووجدها العلماء وقاموا بفحصها بالمجاهر الالكترونية، وكانت نتيجة هذا الفحص أنهم وجدوا أن هذه النيازك تحتوي مواد عضوية، والمواد العضوية هي أساس الحياة، هي أساس تركيب الخلية، هي أساس البروتينات، فقالوا: لا بد أن الحياة منتشرة في كل مكان من هذا الكون، لا بد أن يكون هناك حياة بدائية موجودة خارج الأرض، حتى إنهم وجدوا آثاراً لماء على بعض النيازك، فقالوا: إن هذه النيازك التي سبحت في الكون لملايين السنين وهي تسبح ثم شاء الله تبارك وتعالى أن تقترب من الأرض وتخترق الغلاف الجوي وتدخل، هذه النيازك كانت ذات يوم محملة بالماء وكانت هذه النيازك قطعاً من كواكب أخرى مثل المريخ وغيره وانفصلت عن هذه الكواكب وسبحت في الكون حتى وصلت إلينا.
وقام بعض العلماء برصد كميات هذه النيازك المتساقطة ومنها غبار ومنها أحجار صغيرة وأحجار كبيرة. فوجد أن هنالك في كل يوم أكثر من ثلاثمائة كيلو غرام من المواد تدخل إلى الغلاف الجوي للأرض، هذه الكمية الكبيرة عندما حللها العلماء وجدوا أن معظمها يحوي هذه المواد العضوية فنشأت نظرية حديثة جداً لا زال العلماء يدرسونها ولكننا نجد لها صدىً في القرآن الكريم لذلك نحن نعتقد بهذا الكلام مع أنه لا يوجد إثبات مائة بالمائة عليه ولكن نعتقد به لأن الله تبارك وتعالى أورده في كتابه قالوا: (إن الحياة منتشرة ومبثوثة في كل أجزاء الكون، بل وموزعة بانتظام في الكون).
وهذا ما أكده القرآن في قوله تبارك وتعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ) أي نشر في كل مكانودائماً كلمة (دابة) ترتبط بالماء لأن الماء هو أساس الحياة، فالله تبارك وتعالى أكد في آية من آياته قبل علماء الغرب بسنوات طويلة، علماء الغرب يقولون اليوم (الماء هو الحياة وحيث توجد الحياة يوجد الماء والعكس) والله تبارك وتعالى ماذا قال؟ قال: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء: 30].
إذاً يؤكد العلماء وجود مخلوقات غيرنا تعيش على الماء، هذه المخلوقات منتشرة في كل مكان من الكون، لأن الكون يحوي أكثر من مائة ألف مليون مجرة، وفي كل مجرة هنالك أكثر من مائة ألف مليون نجم، لذلك فإن أحد علماء الفلك عندما سئل عن الحياة في الكواكب الأخرى، وعن احتمال وجود الحياة قال: إن وجود هذه الحياة هو الأمر الطبيعي، وإذا قلنا إن الحياة غير موجودة في الفضاء الخارجي، فإن هذا الكلام لا يمكن أن يكون منطقياً.
من هنا ندرك أن الله تبارك وتعالى حدثنا بدقة فائقة عن نظام من أنظمة الحياة ينتشر في كل مكان لأن السماء كما نعلم ذات حبك، (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) [الذاريات: 7]، فالمجرات لا تتوزع عشوائياً إنما تتوزع في هذا الكون وفق نسيج محكم.
هناك اعتقاد بأن الحياة كما يقول بعض العلماء تتوزع وفق نسيج محكم يتناسب مع النظام الكوني وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن خالق الكون هو خالق الحياة سبحانه وتعالى، وأن الله تبارك وتعالى عندما حدثنا عن هذه الحقيقة الكونية إنما يهدف لتعريفنا بأن هذا القرآن فيه بيان لكل شيء وأن هذه المخلوقات تسبح الله تبارك وتعالى فهل تسبحون الله أنتم أيضاً أيها البشر؟
وختم هذه الآية بقوله: (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) [الشورى: 29] والعلماء اليوم يبذلون بلايين الدولارات ويبذلون الأبحاث الكثيرة والوقت بهدف الالتقاء مع هذه الكائنات الكونية المجهولة.ويقولون: إن احتمال أن نجتمع مع كائنات أخرى هو احتمال كبير جداً، وهنا يتجلى قول الحق تبارك وتعالى عندما قال: (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) [الشورى: 29]، وتأملوا معي هنا كلمة (إذا) فيها نوع من التأكيد، كما أن العلماء يؤكدون إمكانية اجتماع هذه الأحياء، كذلك الله تبارك وتعالى أكد هذا الأمر، وقال: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) [الشورى: 29].


__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
  #83  
قديم 2010-08-24, 08:16 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي

الحُبُك: صور كونية تسبح الله


من الآيات العظيمة قول الحق تبارك وتعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ* إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) هذه الآية تحدثنا عن خاصية موجودة في السماء وهي أنها ذات حُبُك أي: ذات نسيج محكم، لنتأمل روعة الخلق وقدرة الخالق عز وجل......



طرح العلماء سؤالاً عن شكل الكون: ما هو شكل كوننا الذي نعيش فيه؟ فبعدما اكتشفوا أن مجرتنا ليست هي الوحيدة في الكون، وجدوا أن الكون مليء بالمجرات، وأن هذه المجرات تصطف على ما يشبه خيوط النسيج!
المجرة هي: تجمع من النجوم يحوي أكثر من مئة ألف مليون نجم، ومجرتنا هي مجرة درب التبانة وتحوي هذا العدد الهائل من النجوم، ولو نظرنا إلى السماء في ليلة صافية فإن معظم النجوم التي نراها تنتمي إلى هذه المجرة ولكن هذه المجرة ليست هي الوحيدة في الكون إنما هنالك أكثر من أربع مئة ألف مليون مجرة!
هذه المجرات تتوضّع كما كان يعتقد العلماء عشوائياً يعني ظل الاعتقاد السائد أنها تتوضع عشوائياً وليس هناك أي نظام يربط بينها، ولكن في العام الماضي قام علماء من الولايات المتحدة الأمريكية ومن كندا ومن ألمانيا بأضخم عملية حاسوبية على الإطلاق كان الهدف من هذه العملية معرفة شكل الكون ولكن هذه المهمة تطلبت تصميم كمبيوتر عملاق هو السوبر كمبيوتر.
السوبر كمبيوتر هو جهاز كمبيوتر عملاق يزن أكثر من مائة ألف كيلو غرام وهذا الجهاز يحتاج إلى مبنى ضخم وتكاليف باهظة والعجيب أن سرعة هذا الجهاز في معالجة المعلومات أو البيانات أنه ينجز في ثانية واحدة ما تنجزه الحاسبات الرقمية العادية في عشرة مليون سنة، فتأملوا معي ضخامة هذا الجهاز الذي سموه العلماء بـ (سوبر كمبيوتر).
لقد أدخل العلماء عدداَ ضخماً من البيانات حول هذا الكون فأدخلوا بياناتٍ حول أكثر من عشرة آلاف مليون مجرة وبيانات حول الدخان الكوني وبيانات حول المادة المظلمة في الكون وبقي هذا الكمبيوتر العملاق وعلى الرغم من سرعته الفائقة بقي شهراً كاملاً في معالجة هذه البيانات وكانت الصورة التي رسمها للكون تشبه تماماً نسيج العنكبوت.
إن الذي يتأمل هذه الصورة وما فيها من نسيج محكم يلاحظ على الفور أن المجرات لا تتوضع عشوائياً إنما تصطف على خيوط طويلة ودقيقة ويبلغ طول الخيط الواحد مئات الملايين من السنوات الضوئية، عندما رأى العلماء هذه الصورة أدركوا على الفور وجود نسيج محكم في السماء فأطلقوا مصطلح (النسيج الكوني). بدأ العلماء بعد ذلك بدراسة تفاصيل هذا النسيج وبدؤوا يصدرون أبحاثاً ومقالاتٍ حول هذا النسيج ومن أهمها مقالة بعنوان(كيف حُبِكَت الخيوط في النسيج الكوني) وقد لفت انتباهي في هذا البحث أن هؤلاء العلماء يستخدمون الكلمة القرآنية ذاتها يستخدمون كلمة Weave باللغة الإنكليزية وهي تماماً تعني حبك، وأدركت مباشرة أن هذه الآية تصوّر لنا تماماً هذا النسيج في قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ).
يقول الإمام الزمخشري رحمه الله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ:إذا أجاد الحائك الحياكة قالوا ما أحسن حبكه). إذاً الإمام الزمخشري تحدث عن نسيج تم حبكه بإحكام. والإمام القرطبي تناول هذه الآية أيضاً وقال فيها: (ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه يقال منه حبَك الثوب يَحبِكُه حَبكاً أي: أجاد نسجه)، ولكن الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى له تفسير جميل وعجيب ويطابق مئة بالمئة ما يقوله اليوم علماء الغرب! فالإمام ابن كثير يقول: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ أي: حُبكت بالنجوم، ولو تأملنا المقالات الصادرة حديثاً عن هذا النسيج نلاحظ أن العلماء يقولون: إن الكون حُبك بالمجرات.
تحدث العلماء عن هذا النسيج طويلاً، ووجدوا بأن هذا النسيج هو نسيج مُحكم لأننا إذا تأملنا صورة النسيج الكوني نلاحظ أن لدينا كل خيط تتوضع عليه آلاف المجرات ولا ننسَ أن كل مجرة فيها مائة ألف مليون نجم وهي تبدو في هذه الصورة كنقطة صغيرة لا تكاد ترى فالنقاط الصغيرة في هذه الصورة النقاط المضيئة هي مجرات، ونلاحظ أن هذه المجرات تصطف على خيوطٍ دقيقة جداً وكل خيط يبلغ طوله ملايين بل مئات الملايين من السنوات الضوئية والسنة الضوئية!!
إن هذا النسيج يتحدث عنه علماء الغرب بقولهم إن خيوطه قد شُدّت بإحكام مذهل أي أنه نسيج وأنه محكم وهو أيضاً متعدد، يعني هذا النسيج الكوني لا يتألف من طبقة واحدة، إنما هنالك طبقات بعضها فوق بعض ولو تأملنا الصور التي رسمها السوبر كمبيوتر لهذا النسيج وما فيه من تعقيد وإحكام مُبهر نلاحظ أن الله تبارك وتعالى قد أحكم صناعة هذا النسيج بشكل يدلّ على أنه عز وجل قد أتقن كل شيء، كيف لا وهو القائل: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
السنة الضوئية: هي ما يقطعه الضوء في سنة كاملة، فالضوء يسير بسرعة تبلغ ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة، ففي سنة كاملة يقطع مسافة تساوي: سنة ضوئية واحدة. إن مجرتنا والتي تحوي أكثر من مائة ألف مليون نجم يبلغ قطرها أو طولها مائة ألف سنة ضوئية أي أن الضوء يحتاج حتى يقطع مجرتنا من حافتها إلى حافتها مائة ألف سنة كاملة، فتأملوا كم يحتاج الضوء ليقطع الكون من حافته إلى حافته والعلماء يقدرون حجم هذا الكون بحدود ثلاثين ألف مليون سنة ضوئية، طبعاً هذا الكون المرئي وما بعد هذا الكون لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
لو تأملنا كلمة (الحُبُك) نلاحظ أنها تتضمن عدة معانٍ: الشد، والإحكام، والنسيج، وأيضاً تتضمن معاني الجمع لأن كلمة الحبك جاءت بالجمع وليست بالمفرد، يعني الله تبارك وتعالى لم يقل (والسماء ذات الحبيكة الواحدة) بل قال (الحُبُك) وكلمة الحبك هي جمع لكلمة (حبيكة) ولذلك فإن الله تبارك وتعالى قد جمع في كلمة واحدة عدة معانٍ لهذا النسيج، فالنسيج قد يكون محكماً أو هزيلاً وقد يكون قوياً وقد يكون ضعيفاً وقد يكون مفككاً أو مترابطاً، ولكن كلمة (الحبك) تعني النسيج المحكم، و(حَبك) تعني أنه أتقن وأحكم صناعة هذا النسيج وهذا ما يقوله العلماء اليوم يؤكدون أن النسيج الكوني ليس نسيجاً عادياً، إنما هو نسيج محكم وقد شُدّت خيوطه بإحكام.
ومن هنا نستطيع أن نستنج أن الله تبارك وتعالى قد أودع في كل كلمة من كلمات كتابه معجزة مبهرة، ففي كلمة واحدة هي كلمة (الحُبُك) تتجلى أمامنا معجزة عظيمة، هذه المعجزة العظيمة تتضح أمامنا من خلال أن الله تبارك وتعالى عبّر بكلمة واحدة عن حقيقة هذا النسيج، بينما العلماء يستخدمون كلماتٍ متعددة حتى يصلوا إلى النتيجة ذاتها.
من الأشياء الغريبة التي لاحظتها أننا لو جئنا بمقطع من دماغ إنسان مثلاً وقمنا بتكبير خلايا الدماغ العصبية نلاحظ أن الصورة الناتجة صورة نسيج الدماغ تشبه تماماً صورة النسيج وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الخالق واحد: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62].
لماذا ذكر الله تبارك وتعالى هذه الحقيقة في كتابه المجيد؟!
نعلم أن علماء اليوم يندفعون باتجاه اكتشاف أسرار الكون ودافعهم في ذلك حب الفضول وحب المعرفة، ولكن القرآن لا نجد آية واحدة إلا ومن وراءها هدف عظيم. فلو تأملنا سلسلة الآيات في قوله تعالى: { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) [ الذاريات: 7-9] والإفك هو الكذب، أي أن هؤلاء الذين يفترون على الله كذباً ويقولون إن هذا القرآن ليس من عند الله إنما كلامهم مضطرب ولا يستقيم أبداً، ولو تأملنا سلسلة الآيات نلاحظ أن الله تبارك وتعالى يقول بعد ذلك: (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) [الذاريات: 20-23].
وهنا نصل إلى الهدف من هذه الحقيقة الكونية: (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)، أي: أيها الملحدون المشككون بكتاب الله تبارك وتعالى كما أنكم لا تشكون أبداً في رؤيتكم لهذا النسيج المحكم، وكما أنكم لا تشكُّون في أنكم تنطقون، كذلك ينبغي أن تدركوا وتتأكدوا أن هذا الكلام هو كلام الله تبارك وتعالى، لأنه لا يمكن لبشر أن يتنبأ بالبنية النسيجية للكون قبل أربعة عشر قرناً
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
  #84  
قديم 2010-08-24, 08:16 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي


عجائب صنع الله.

هداية النحل وشيء من عجائب صنع الله فيه



ويحدثنا ابن القيم (1) رحمه الله تعالى عن بدائع صنع الله في خلقه ، مبيناً هداية الله للنحل في أمور معاشه : " وأمر النحل في هدايتها من أعجب العجب وذلك أن لها أميراً ومدبراً ، وهو اليعسوب ، وهو أكبر جسماً من جميع النحل ، وأحسن لوناً وشكلاً .وإناث النحل تلد في إقبال الربيع (2) ، وأكثر أولادها يكنّ إناثاً ، وإذا وقع فيها ذكر لم تدعه بينها ، بل إما أن تطرده ، وإما أن تقتله ، إلا طائفة يسيرة منها ، وذلك أن الذكور منها لا تعمل شيئاً ولا تكسب .




والنحل تقسم فرقاً ، فمنها فرقة تلزم الملك ، ولا تفارقه ، ومنها فرقة تهيئ الشمع وتصنعه ، والشمع هو ثفل العسل ، وفيه حلاوة كحلاوة التين ، وللنحل فيه عناية شديدة فوق عنايتها بالعسل ، فينظفه النحل ، ويصفيه ، ويخلصه مما يخالطه من أبوالها وغيرها ، وفرقة تبني البيوت ، وفرقة تسقي الماء , وتحمله على متونها ، وفرقة تكنس الخلايا وتنظفها من الأوساخ والجيف والزبل ، وإذا رأت بينها نحلة مهينة بطالة قطعتها وقتلتها حتى لا تفسد عليهن بقية العمال ، وتعديهن ببطالتها ومهانتها .



وأول ما يبنى في الخلية مقعد الملكة وبيتها ، فيُبنى لها بيت مربع يشبه السرير والتخت ، فتجلس عليه ، ويستدير حوله طائفة من النحل يشبه الأمراء ، والخدم والخواص ، لا يفارقنه ، ويجعل النحل بين يديها شيئاً يشبه الحوض يصب فيه من العسل أصفى ما يقدر عليه ، ويملأ منه الحوض ، ويكون ذلك طعاماً للملكة وخواصها .


ثم يأخذن في ابتناء البيوت على خطوط متساوية كأنها سكك ومحال ، وتبني بيوتها مسدسة متساوية الأضلاع ، كأنها قرأت كتاب إقليدس ، حتى عرفت أوفق الأشكال لبيوتها ؛ لأنّ المطلوب من بناء الدور هو الوثاقة والسعة ، والشكل المسدس دون سائر الأشكال إذا انضمت بعض أشكاله إلى بعض صار شكلاً مستديراً كاستدارة الرحى ، ولا يبقى فيه فروج ولا خلل ، ويشد بعضه بعضاً ، حتى يصير طبقاً واحداً محكماً ، لا يدخل بين بيوته رؤوس الإبر .





فتبارك الذي ألهمها أن تبني بيوتها هذا البناء المحكم الذي يعجز البشر عن صنع مثله ، فعلمت أنها محتاجة إلى أن تبني بيوتها من أشكال موصوفة بصفتين :


إحداهما : أن لا تكون زواياها ضيقة حتى لا يبقى الموضع الضيق معطلاً .

والثانية : أن تكون تلك البيوت مشكلة بأشكال إذا انضم بعضها إلى بعض ، وامتلأت العرصة منها فلا يبقى منها ضائعاً ، ثم إنها علمت أن الشكل الموصوف بهاتين الصفتين هو المسدس فقط ؛ فإن المثلثات والمربعات ، وإن أمكن امتلاء العرصة منها إلا أن زواياها ضيقة ، وأما سائر الأشكال وإن كانت زواياها واسعة إلا أنها لا تمتلئ العرصة منها ، بل يبقى فيما بينها فروج خالية ضائعة ، وأما المسدس فهو موصوف بهاتين الصفتين ، فهداها – سبحانه – إلى بناء بيوتها على هذا الشكل من غير مسطرة ولا آلة ، ولا مثال يحتذى عليه ، وأصنع بني آدم لا يقدر على بناء بيت المسدس إلا بالآلات الكبيرة .فتبارك الذي هداها أن تسلك سبل مراعيها على قوتها وتأتيها ذللاً لا تستعصي عليها ، ولا تضل عنها ، وأن تجتني أطيب ما في المراعي وألطفه ، وأن تعود إلى بيوتها الخالية ، فتصب فيها شراباً مختلفاً ألوانه ، فيه شفاء للناس ، إن في ذلك لآيات لقول يتفكرون .فإذا فرغت من بناء البيوت خرجت خماصاً تسيح سهلاً وجبلاً ، فأكلت من الحلاوات المرتفعة على رؤوس الأزهار وورق الأشجار ، فترجع بطاناً .



وجعل – سبحانه – في أفواهها حرارة منضجة تنضج ما جنته ، فتعيده حلاوة ونضجاً ، ثم تمجه في البيوت ، حتى إذا امتلأت ختمتها ، وسدت رؤوسها بالشمع المصفى ، فإذا امتلأت تلك البيوت عمدت إلى مكان آخر إن صادفته ، فاتخذت فيه بيوتاً ، وفعلت كما فعلت في البيوت الأولى ، فإذا برد الهواء ، وأخلف المرعى ، وحيل بينها وبين الكسب ، لزمت بيوتها ، واغتذت بما ادخرته من العسل ، وهي في أيام الكسب والسعي تخرج بكرة وتسيح في المراتع ، وتستعمل كل فرقة منها بما يخصها من العمل ، فإذا أمست رجعت إلى بيوتها .
وأما الملكة فلا تكثر الخروج من الخلية إلا نادراً إذا اشتهت التنزه ، فتخرج ، ومعها أمراء النحل والخدم ، فتطوفُ في المروج والرياض والبساتين ساعة من النهار ، ثم تعود إلى مكانها .



ومن عجيب اأنه ربما لحقها أذى من النحل أو من صاحب الخلية أو من خدمه ، فتغضب وتخرج من الخلية ، وتتباعد عنها ، ويتبعها جميع النحل ، وتبقى الخلية خالية .
فإذا رأى صاحبها ذلك ، وخاف أن يأخذ النحل ، ويذهب بها إلى مكان آخر احتال لاسترجاعها وطلب رضاها ، فيتعرف موضعها الذي صار إليه بالنحل ، فيعرفه باجتماع النحل إليها ، فإنها لا تفارقها ، وتجتمع عليها حتى تصير عليها عنقوداً ، وهي إذا خرجت غضبى جلست على مكان مرتفع من الشجرة ، وطافت بها النحل ، وانضمت إليها ، حتى يصير كالكرة ، فيأخذ صاحب النحل رمحاً أو قصبة طويلة ، ويشد على رأسه حزمة من النبات الطيب الرائحة العطر النظيف ، ويدنيه إلى محل الملكة ، ويكون معه إما مزهر أو يراع أو شيء من آلات الطرب فيحركه ، وقد أدنى إليه ذلك الحشيش ، فلا يزال كذلك إلى أن يرضى الملكة ، فإذا رضيت طفرت ووقعت على الضغث ، وتبعها خدمها وسائر النحل ، فيحملها صاحبها إلى الخلية ، فينزل ويدخلها هو وجنوده ، ولا يقع النحل على جيفة ولا حيوان ولا طعام .




ومن عجيب أمرها أنها تقتل الملوك الظلمة المفسدة ، ولا تدين لطاعتها ، والنحل الصغار المجتمعة الخلق هي العسالة ، وهي تحاول مقاتلة الطوال القليلة النفع وإخراجها ونفيها عن الخلايا ، وإذا فعلت ذلك جاد العسل ، وتجتهد أن تقتل ما تريد قتله خارج الخلية صيانة للخلية عن جيفته .



ومنها صنف قليل النفع كبير الجسم ، وبينها وبين العسالة حرب ، فهي تقصدها وتغتالها وتفتح عليها بيوتها ، وتقصد هلاكها ، والعسالة شديدة التيقظ والتحفظ منها ، فإذا هجمت عليها في بيوتها حاولتها وألجأتها إلى أبواب البيوت فتتلطخ بالعسل ، فلا تقدر على الطيران ، ولا يفلت منها إلا كلّ طويل العمر ، فإذا انقضت الحرب وبرد القتال عادت إلى القتلى ، فحملتها وألقتها خارج الخلية .



وفي النحل كرام عمال لها سعي وهمة واجتهاد ، وفيها لئام كسالى قليلة النفع مؤثرة للبطالة ، فالكرام دائماً تطردها وتنفيها عن الخلية ، ولا تساكنها خشية أن تعدي كرامها وتفسدها .
والنحل من ألطف الحيوان وأنقاه ، ولذلك لا تلقي زبلها إلا حين تطير ، وتكره النتن والروائح الخبيثة ، وأبكارها وفراخها أحرس وأشد اجتهاداً من الكبار ، وأقل لسعاً وأجود عسلاً ، ولسعها إذا لسعت أقل ضرراً من لسع الكبار .



ولما كانت النحل من أنفع الحيوان وأبركه فقد خصت من وحي الرب تعالى وهدايته بما لم يشركها فيه غيرها ، وكان الخارج من بطونها مادة الشفاء من الأسقام والنور الذي يضيء في الظلام بمنزلة الهداة من الأنام كان أكثر الحيوان له أعداء ؛ وكان أعداؤه من أقل الحيوان منفعة وبركة ، هذه سنة الله في خلقه وهو العزيز الحكيم " . (3)



الباحثون المعاصرون يتحدثون عن عالم النحل (4)
تقدم العلم اليوم ، وبتقدمه تعرفنا على كثير من عجائب الخلق وأسرار الكون ، لقد أكد لنا العلماء ما عرفناه من قبل أن من أن عالم النحل ينقسم إلى ثلاثة أقسام : النحلة الملكة ، والنحلة الذكر ، والنحلة الشغالة .


أما ملكة النحل فهي أم الخلية كلها ، وجميع النحل في الخلية أبناؤها ، ويكفي أن تعلم أن الملكة تضع في كل يوم تطلع فيها الشمس ما بين (1500) بيضة إلى (2000) بيضة ، بل يزيد العدد إلى (3500) بيضة . ويستمر هذا على امتداد موسم التكاثر الذي يبدأ من إقبال الربيع ، وينتهي بانتهاء الصيف .
وما هذا العدد الهائل من البيض إلا لمواجهة النقص المستمر الذي يصيب خلية النحل ، فالنحلة عمرها قصير ، فهو يتراوح بين خمسة أسابيع وسبعة أسابيع ، ولذلك فإنّ الخلية تحتاج إلى أجيال جديدة ترفد الخلية بأعداد كبيرة تواجه النقص الذي يلحق بها ، كي تستمرّ الخلية في القيام بالواجبات التي يحتاج إليها عالم النحل ، وحتى تستطيع الدفاع عن نفسها في مواجهة الأعداء والأخطار ، ولولا ذلك لا نقرضت الخلية وبادت .
ومن بديع صنع الله في ملكة النحل أنها تضع بيضها في البيوت التي تبنيها الشغالة بمقاسات مختلفة ، فالمقاس الكبير يعده النحل لملكة المستقبل ، والبيضة التي تضعها الملكة فيه تكون ملكة ، والبيضة التي تضعها الملكة في البيت الأصغر حجماً ومقاسه ربع إنش تصبح نحلة ذكراً ، أما البيضة التي تضعها في البيت الصغير ومقاسه خمس إنش فتنتج نحلة شغالة ، بقي أن نعلم أن الملكة تضع مع بيضة النحلة الشغالة ثلاثة إلى أربعة حيوانات منوية لإخصابها ، فتكون نحلة شغالة ، بينما تضع ، في بيت النحلة الذكر بيضة غير مخصبة .



ومن عجيب صنع الله في النحلة الملكة أنها لا تُلِّقحُ إلا في الهواء في أثناء طيرانها ، ولذلك سّر عجيب ، فالنحلة الذكر لا يمكنها تلقيح الملكة وهي رابضة على الأرض ، ذلك أن عضو التذكير عندها كامن ، ولا يمكن ظهوره إلا إذا حلقت في الفضاء ، وعند ذلك تمتلئ أكياس موجودة في النحلة الذكر بالهواء ، فتنتفخ في أثناء الطيران ، ويؤدي انتفاخها إلى الضغط على عضو التذكير ، فيخرج من مكمنه .




ومن عجائب صنع الله في الملكة العذراء قدرتها على دعوة الذكر لتلقيحها ، وذلك بأصوات تصدرها تدعو بها الذكور إليها ، وتخرج من خليتها حائمة حولها مصدرة تلك الأصوات ، وتستقبل الذكور هذه الدعوة لا في الخلية وحدها ، بل في جميع الخلايا المجاورة ، وتنطلق أسراب الذكور خلف الملكة ، وهي تغذ السير منطلقة في الفضاء الرحب ، ويفوز بتلقيحها أقوى الذكور وأشدها وأسرعها ، ولكنه يفقد حياته بعد ذلك ، ذلك أنه بعد تلقيحه الملكة يفقد عضو تذكيره ، إذ يبقى عضوه فيها مما يسبب له نزيفاً يفقده حياته .



ويسأل القارئ عن كيفية سماع الذكور لدعوة الملكة ، والجواب : أن الله زود كل نحلة بقرني استشعار ، وهذان القرنان يتألفان من حلقات متصل بعضها ببعض ، عليها عدد كبير من الثقوب ، ويبلغ عدد الحلقات في الذكر اثنتا عشرة حلقة ، في حين أن عددها في الشغالة أو الملكة إحدى عشرة حلقة .
وتبلغ عدد ثقوب الحواس الكائنة على قرن الاستشعار عند الذكر (2800) ثقبٍ ، وفي الشغالة (2400) ، وفي الملكة (1600) .والحقيقة أن قرني الاستشعار في النحلة بمنزلة هوائي الإذاعة يستخدمه لالتقاط الأصوات الصادرة من الملكة ، ولغير ذلك من الأصوات ، كما تستخدمه في الشم والسمع واللمس .وإذا فقدت النحلة الشغالة أو الذكر أو الملكة قرني الاستشعار فإنها لا تستطيع أن تقوم بدورها ، ففيه يتركز معظم حواسها : السمع والشم واللمس كما سبق .وتكوين النحلة الذكر يتناسب مع المهمة التي خلق من أجلها ، فهو كبير قوي ، يأكل كثيراً ، ولا يعمل شيئاً ، فلا يجمع الرحيق ، ولا يصنعه ، ولا يبني ، ولا يحرس ، حتى طعامه ، تضعه النحلة الشغالة في فمه ، كل ما يستطيع القيام به هو تلقيح الملكة ، ولذا فإن النحلة الشغالة بعد انتهاء مهمته تمتنع عن إمداده بالغذاء ، وأكثر من هذا تهاجم الشغالة الذكور فتقتلها أو تطردها .





بقي أن نعلم أن عدد الذكور من النحل قليل بالنسبة لتعداد النحل ، فلا يتجاوز عددها في الخلية الواحدة المائتين .أما النحلة الشغالة فإنها تكون العدد الأكثر في الخلية ، كما أنها العنصر الفعال فيها ، وهي التي تقوم بالأعمال المختلفة ، والمهمات الصعبة .فهي التي تجني الرحيق ، وتجمع غبار الطلع ، وتصنع العسل ، وتمدّ الملكة بغذائها الخاص ، وتبني الأقراص التي يحفظ فيها العسل ، وتربي فيها الأجيال الجديدة من النحل ، وتحرس الخلية ، وتقوم بتنظيفها ، والمحافظة عليها ، بل تقوم بتهويتها وتدفئتها .



والمهمات في الخلية موزعة في تخصصات وهذه التخصصات ترتبط بعمر النحلة ، فلكل سن من النحل عمل يقوم به ، وكلما امتد العمر بالنحلة فإنها تتحول إلى عمل آخر ، وبذلك تقوم النحلة بعد أن تستكمل عمرها بالمرور على كل الأعمال والمهمات التي تحتاج إليها الخلية ، ويلاحظ أن النحلة تبدأ بالأعمال السهلة التي لا تحتاج إلى جهد كبير ، وتنتهي إلى أشق الأعمال وأصعبها وهي الجولان في الحقول ، وجني الرحيق وغبار الطلع والماء ، ثم صنع العسل وتخزينه ، ونلاحظ أيضاً أنها تتدرج في الوظائف بحسب تكامل الخصائص التي يهبها الله إياها ، فكل مهمة تصير إليها وتعمل فيها تتواءم مع تكامل أجهزتها التي تمكنها من القيام بالدور الجديد والمهمة الجديدة .



فالنحلة الشغالة في يومها الأول والثاني تقوم بمهمة تنظيف البيوت التي خرجت منها أجيال النحل التي تكامل خلقها ، فتنظف هذه البيوت ، وتعدها لأجيال أخرى ، ولا تضع الملكة البيض في هذه البيوت إلا بعد أن تتفحصها وتجدها نظيفة تماماً .
وفي يومها الثالث والرابع تقوم بدور الحاضنة ليرقات النحل الشغالة والذكور التي يزيد عمرها على ثلاثة أيام ، فتقدم لها ما يسميه العلماء ( بخبز النحل ) وهو مزيج من العسل وحبوب اللقاح ، تأخذه مما خزنته النحل في العيون السداسية .

وبعد اليوم الخامس حتى اليوم الثاني عشر من عمر النحلة تقوم بتغذية النحلة الملكة بالغذاء الملكي طيلة عمرها ، كما تمدّ الغذاء الفاخر صغيرات الشغالة والذكور في يومهن الأول والثاني والثالث ، والنحل يقوم بهذه المهمة في هذه السن (5-12) لنمو غدد خاصة في هذه الفترة في جانبي البلعوم ، تتمكن بها النحل من صناعة الغذاء الملكي .وبعد اليوم الثاني عشر تتمكن النحلة من الطيران ، ولكنها لا تذهب بعيداً ، كل ما تفعله أن تتعلم وتتمرن ، ومهمتها الرئيسية من اليوم الثاني عشر إلى اليوم الثامن عشر هو بناء الأقراص الشمعية التي تعد لتخزين العسل ، وتربية أجيال النحل الجديدة .



والسبب في تخصصها بهذا الدور في هذه السن هو نمو أربعة أزواج من الغدد الموجودة على حلقات البطن ، ومن هذا الشمع تقوم النحلة باستخدام فكيها في هذه السن ببناء تلك البيوت التي بلغت الغاية في الدقة والإتقان بأبعاد محددة وأشكال هندسية في غاية الروعة والتنظيم .وفي اليوم التاسع عشر واليوم العشرين تقوم النحلة بتنظيف الخلية وحراستها ، وبعد اليوم العشرين تقوم النحلة بالانطلاق إلى الحقول وجمع الرحيق وغبار الطلع وصنع العسل ، و*** الماء إلى الخلية ، وهذه المرحلة الأخيرة تمثل الجزء الأكبر من عمر النحلة .





أجيال تذهب من النحل ، وأجيال تأتي ، ويترقى النحل في سلسلة متوالية من الأعمال تضمن القيام بالأعمال كلها باستمرار من غير أن تتخصص طائفة من النحل بعمل طيلة عمرها ، ولكن التخصص يأتي في كل مرحلة من مراحل العمر .سبحان الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي خلق هذه الكائنات الصغيرة ، وعلمها أن تقوم بهذه الأعمال بمثل هذه الدقة والإتقان ، إنه إبداع وإعجاز يدل على العليم الخبير .




ومن الإبداع الإلهي في النحلة هذا التكوين الذي أعطاه الله إياها ، فقد جعل لها الباري سبحانه معدتين ، إحداهما تستعملها لجمع المواد الأولية التي تستخلصها من رحيق الأزهار ، أو تحمل بها الماء ، وتنقله إلى الخلية ، والمعدة الأخرى مخصصة للطعام الذي تهضمه وتتغذى به .



ومن عجب أن النحلة إذ تجمع في معدتها الأولى ما تجنيه من الرحيق ، لا تكتفي بنقله ، ولكنها في أثناء حملها له وتوصيله للخلية تقوم بعملية أولية لتحويله إلى العسل ، وذلك بإفراز الخمائر اللازمة لتحقيق ذلك .
والنحلة تحتاج إلى غبار الطلع لأمور مختلفة في الخلية ، وقد زودها خالقها بتجويف خاص لخزن هذه الحبوب في الوجه الخارجي لساق الرجل الخلفية ، تسمى سلة الطلع ، وجعل لها على الوجه الداخلي لرسغ الرجل الخلفية ما يشبه الفرشاة تستعملها الشغالة في تمشيط غبار الطلع وتكتيله تمهيداً لجمعه في سلة الطلع .



ومن العجائب المذهلة التي اكتشفها العلماء في النحلة ، تلك الغدة التي في مؤخرة البطن ، وقد سماها العلماء ( غدة ناسانوف) ، وهذه الغدة تفرز رائحة خاصة ، ومن العجيب أن نحل كل خلية يتعارف على رائحة تميز نحلها عن غيره ، وتستطيع النحلة أن تعود إلى بيتها من مكان بعيد تهديها تلك الرائحة المميزة عن رائحة غيرها من النحل ، وبوابو الخلية وحراسها يعرفون النحلة التي تتبع الخلية عن طريق تلك الرائحة المميزة المنبعثة من النحلة .



والعجب أن النحل قادر على التعارف على رائحة جديدة عندما يحصل ما يستدعي ذلك ، فمثلاً عندما تخرج طائفة من النحل لتشكل خلية جديدة ، فإن الخلية الجديدة تتعارف على رائحة جديدة ، وعندما مزج العلماء بطريقة علمية طائفة من النحل مع طائفة أخرى وجدوا أن النحل بعد دمجه تعارف على رائحة واحدة جديدة تميزه عن غيره .




ومن عجائب هداية النحل أنه يبني جدران البيوت السداسية من الشمع الخالص الذي لا ينفذ منه الهواء ، ولكنه عندما يغلق أبواب البيوت التي تحوي يرقات النحل يخلط الشمع بحبوب اللقاح ، وبهذا يتسرب الهواء من خلال حبوب اللقاح ، فتبقى اليرقات حيّة ، ولو لم يهدها ربها إلى ذلك لماتت اليرقات ، وزال النحل من فوق ظهر البسيطة .وقد حدثنا ربنا فيما حدثنا عنه من آياته الباهرة التي تستدعي التأمل والتفكر إلى هدايته العجيبة للنحل ( وأوحى ربُّك إلى النَّحل أن اتَّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشَّجر ومما يعرشون – ثُمَّ كلي من كل الثَّمرات فاسلكي سبل ربك ذُللاً يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للنَّاس إنَّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكرون )[النحل: 68-69] .





وقد اهتدى المسلمون للمنافع العظيمة التي في العسل ، ولكن الضالون عن هدى الله لم يكتشفوا ما فيه من المنافع إلا في هذه الأيام ، وقد اكتشف الباحثون حقائق مذهلة ، فوجدوا أن العسل غذاء ودواء ، وهو غذاء من نوع راق ، يحوي على خصائص لا تكاد توجد في غيره ، ووجدوا أنه علاج يكاد يصلح لجميع أنواع الأمراض ، ولا يزال العلم يكتشف في كل يوم في العسل نفعاً جديداً .





كيف يدل النحل بعضه بعضاً على مكان الغذاء ؟





مما لاحظه العلماء المعاصرون الطريقة التي يدل بها النحل بعضه بعضاً على مكان الغذاء ، يقول الدكتور يوسف عز الدين : " لو اكتشف أحد عمال النحل حقلاً أو كمية من النباتات تعتبر مصدراً للغذاء ، فإنّه يعود للمستعمرة ليخبر باقي العمال ، عن هذا الكنز الذي اكتشفه ، وذلك عن طريق طقوس رقص عجيبة تفعلها النحلة بطريقة غريزية دون أن تدري لماذا تفعل هذا .إنها ترقص رقصات غريبة ذات مدلولات معينة ، إذ إن جسمها يصنع في أثناء الرقص زاوية تدل على زاوية الشمس ،وإذا كان الحقل الذي اكتشفه قريباً من المستعمرة فإنّ الرقصة في هذه الحالة تختلف عنها في حالة بُعد الحقل مسافة أطول .




ومن هذه الرقصات يفهم النحل أنّ حقلاً من البرسيم أو غيره من النباتات ذات الأزهار التي يحضر النحل غذاءه منها ، يقع على بعد معين ، والطريق إليه يقتضي السير بزاوية معينة بالنسبة لمكان الشمس .
فيؤدي بعض العمال الرقصة نفسها ، عند ذلك تطمئن النحلة التي اكتشفت الحقل إلى أنّ باقي النحل قد فهم ما تريد أن تقوله ، فيطير باقي الأفراد ، ويصلون مباشرة إلى ذلك الحقل لإحضار مزيد من الغذاء .
إنّ النحلة المكتشفة قد نقلت إلى النحل الذي في المستعمرة عدداً من المعلومات برقصتها ، ولو حاولنا نحن البشر أن نتوصل إلى ما توصل إليه النحل من فهم لهذه الطلاسم عن طريق رسم بياني لاستغرق منا وقتاً لا يقل عن ثلث ساعة إن كان لدينا إلمام كاف بالعلوم الرياضية ، ولكن النحل يفهم كلّ ذلك في الحال ، ويطير نحو الحقل في خط مستقيم ليحضر ما يلزمه من غذاء .شيء مذهل لا يمكن تفسيره إلا إذا آمنا بوجود نفحة إلهية أودعها خالق الكون في هذه الكائنات الصغيرة التي لا تملك قدراً من العقل أو قدرة على التفكير تمكنها من القيام بما يلزمها " .



رؤية النحل ما لا نراه من الألوان



ويذكر لنا الدكتور يوسف أن من عجائب النحل رؤيته " لوناً لا نراه نحن البشر ، ولا يمكن أن نتصوره ، وهو اللون فوق البنفسجي الذي نراه نحن أسود ، فالنحل يرى الأشعة فوق البنفسجية " ، ثم يبين لنا الحكمة من وراء رؤية النحل لذلك اللون فيقول : " والحكمة في ذلك هي أن تلك الأشعة هي الوحيدة القادرة على اختراق السحاب .


والنحل قد يعيش في مناطق يكسوها السحاب معظم شهور السنة ، ورؤية الشمس ضرورية لمعرفة مكان الحقول التي بها الغذاء ، وهنا تكمن الحكمة في رؤية النحل لذلك اللون فوق البنفسجي ، فإنها بذلك يصبح في إمكانها رؤية الشمس من خلال السحب ، فلا يموت النحل جوعاً في حالة اختفاء الشمس خلف الغمام ، حقيقة مذهلة تدلّ على وجود خالق مدبر ومقدر يعلم ما يصنع ، إذ إن القدرة على رؤية ذلك اللون لا يمكن أن تكون قد اكتسبها النحل مع مرور الزمن ، بل لا بد أن تكون قد وجدت منذ أول لحظة خلق الله فيها النحل ، إذ لو لم توجد من أول الأمر ، لانقرض النحل في تلك المناطق منذ أمد بعيد " .


--------------

(1) شفاء العليل :101 وما نقلناه عن ابن القيم يدلنا ان السلف الصالح كانوا يعنون بالتأمل في خلق الله ويدلنا على ان ملاحظة علماء المسلمين بلغت مبلغا كبيرا

(2) الذي يبيض من النحل هو ملكة النحل فحسب

(3) شفاء العليل :101

(4)المعلومات التي أوردناها في هذا المبحث مأخوذة من كتاب النحلة تسبح لله لمحمد حسن حمصي ولكن بتصرف كثير في الصياغة والتقديم والتأخير والاختصار

__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
  #85  
قديم 2010-08-24, 08:17 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي

هداية النمل وعجائب صنع الله فيه

ويحدثنا ابن القيم عن نوع آخر من مخلوقات الله ، ويبين لنا هداية الله لها في معاشها فيقول :
" وهذا النمل من أهدى الحيوانات ، وهدايتها من أعجب شيء ، فإن النملة الصغيرة تخرج من بيتها وتطلب قوتها ، وإن بعدت عليها الطريق ، فإذا ظفرت به حملته وساقته في طرق معوجة بعيدة ذات صعود وهبوط في غاية من التوعر حتى تصل إلى بيوتها ، فتخزن فيها أقواتها في وقت الإمكان .
فإذا خزنتها عمدت إلى ما ينبت منها ففلقته فلقتين ؛ لئلا ينبت فإن كان ينبت مع فلقه باثنتين فلقته بأربعة ، فإذا أصابه بلل وخافت عليه العفن والفساد انتظرت به يوماً ذا شمس فخرجت به ، فنشرته على أبواب بيوتها ، ثم أعادته إليها ، ولا تتغذى منها نملة مما جمعه غيرها .


ويكفي في هداية النمل ما حكاه الله – سبحانه – في القرآن عن النملة التي سمع سليمان كلامها وخطابها لأصحابها بقولها : ( يا أيَّها النَّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنَّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ) [ النمل : 18 ] ، فاستفتحت خطابها بالنداء الذي يسمعه من خاطبته ، ثم أتت بالاسم المبهم ، ثم أتبعته بما يثبته من اسم الجنس إرادة العموم ، ثم أمرتهم بأن يدخلوا مساكنهم فيتحصنون من العسكر ، ثم أخبرت عن سبب هذا الدخول ، وهو خشية أن يصيبهم مضرّة الجيش ، فيحطمهم سليمان وجنوده ، ثم اعتذرت عن نبي الله وجنوده بأنهم لا يشعرون بذلك ، وهذا من أعجب الهداية .
وتأمل كيف عظم الله – سبحانه – شأن النمل بقوله : ( وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطَّير فهم يوزعون ) [ النمل : 17 ] ، ثم قال : ( حتَّى إذا أتوا على واد النَّمل ) [ النمل : 18 ] ، فأخبر أنهم بأجمعهم مروا على ذلك الوادي ، ودل على أن ذلك الوادي معروفٌ بالنمل كوادي السباع ونحوه ، ثم أخبر بما دل على شدة فطنة هذه النملة ودقة معرفتها حيث أمرتهم أن يدخلوا مساكنهم المختصة بهم ، فقد عرفت هي والنمل أن لكل طائفة منها مسكناً لا يدخل عليهم فيه سواهم ، ثم قالت : ( لا يحطمنَّكم سليمان وجنوده ) [ النمل : 18 ] ، فجمعت بين اسمه وعينه ، وعرفته بهما ، وعرفت جنوده وقائدهم ، ثم قالت : ( وهم لا يشعرون ) [ النمل : 18 ] فكأنها جمعت بين الاعتذار عن مضرة الجيش بكونهم لا يشعرون وبين لومة أمة النمل حيث لم يأخذوا حذرهم ، ويدخلوا مساكنهم ، ولذلك تبسم نبي الله ضاحكاً من قولها ، وإنه لموضع تعجب وتبسم .



وقد روى الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عيينة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (( نهى عن قتل النمل والنحلة والهدهد والصرد )) (1) ، وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة ، فلدغته نملة ، فأمر بجهازه فأخرج ، وأمر بقرية النمل فأحرقت ، فأوحى الله إليه : أن قرصتْك نملة أحرقت أمة من الأمم تُسبحُ ! فهلا نملة واحدة !) . (2)

وروى عوف بن أبي جميلة عن قسامة بن زهير ، قال : قال أبو موسى الأشعري : إن لكل شيء سادة حتى للنمل سادة .
ومن عجيب هدايتها أنها تعرف ربها بأنه فوق سمواته على عرشه ، كما رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد من حديث أبي هريرة يرفعه ، قال : ( خرج نبيٌّ من الأنبياء بالناس يَسْتَسْقُون ، فإذا هم بنملة رافعة قَوائِمها إلى السماء تدعو مُستلقية على ظهرها ، فقال : ( ارجعوا فقد كفيتم أو سقيتم بغيركم ) ولِهذا الأثر عدة طرق ، ورواه الطحاوي في التهذيب وغيره .

وفي مسند الإمام أحمد : ( أن سليمان بن داود خرج يستسقي ، فرأى نملة مُستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقولُ : اللهم إنا خلق من خلقك ، ليس بنا غنى عن سقياك ورزقك ، فإما أن تُسقينا وترزقنا ، وإما أن تهلكنا ، فقال : ارجعوا فقد سُقيتُمْ بدعوة غَيركم ) .

ولقد حُدّثت أن نملة خرجت من بيتها ، فصادفت شق جرادة ، فحاولت أن تحمله فلم تطق ، فذهبت وجاءت معها بأعوان يحملنه معها ، قال : فرفعتُ ذلك من الأرض ، فطافت في مكانه فلم تجده ، فانصرفوا وتركوها .
قال : فوضعته ، فعادت تحاول حمله فلم تقدر ، فذهبت ، وجاءت بهم ، فرفعته ، فطافت فلم تجده فانصرفوا ، قال : فعلت ذلك مراراً ، فلما كان في المرة الأخرى استدار النمل حلقة ووضعوها في وسطها ، وقطعوها عضواً عضواً ، قال شيخنا : وقد حكيت له هذه الحكاية فقال : هذا النمل فطرها الله – سبحانه – على قبح الكذب وعقوبة الكذاب .


والنمل من أحرص الحيوانات ، ويضرب بحرصه المثل ، ويذكر أن سليمان صلوات الله وسلامه عليه لما رأى حرص النملة وشدة ادخارها للغذاء استحضر نملة ، وسألها : كم تأكل النملة من الطعام كل سنة ؟ فقالت : ثلاث حبات من الحنطة ، فأمر بإلقائها في قارورة ، وسد فم القارورة ، وجعل معها ثلاث حبات حنطة ، وتركها سنة بعد ما قالت : ثم أمر بفتح القارورة عند فراغ السنة ، فوجد حبة ونصف حبة ، فقال : أين زعمك ؟ أنت زعمت أن قوتك كل سنة ثلاث حبات .فقالت : نعم ، ولكن لما رأيتك مشغولاً بمصالح بني جنسك حسبت الذي بقي من عمري فوجدته أكثر من المدة المضروبة ، فاقتصرت على نصف القوت ، واستبقيت نصفه استبقاء لنفسي ، فعجب سليمان من شدة حرصها ، وهذا من أعجب الهداية والعطية .



ومن حرصها أنها تكدّ طول الصيف ، وتجمع للشتاء علماً منها بإعواز الطلب في الشتاء ، وتَعَذّرِ الكسب فيه ، وهي على ضعفها شديدة القوى ، فإنها تحمل أضعاف أضعاف وزنها ، وتجره إلى بيتها .
وليس للنمل قائد ورئيس يدبرها كما يكون للنحل إلا أن رائداً يطلب الرزق ، فإذا وقف عليه أخبر أصحابه فيخرجن مجتمعات ، وكل نملة تجتهد في صلاح العامة منها غير مختلسة من الحب شيئاً لنفسها دون صواحباتها .
ومن عجيب أمرها أن الرجل إذا أراد أن يحترز من النمل لا يسقط في عسل أو نحوه ، فإنه يحفر حفيرة ويجعل حولها ماء أو يتخذ إناء كبيراً ، ويملؤه ماء ، ثم يضع فيه ذلك الشيء ، فيأتي الذي يطيف به فلا يقدر عليه ، فيتسلق في الحائط ، ويمشي على السقف إلى أن يحاذي ذلك الشيء ، فتلقي نفسها عليه ، وجربنا نحن ذلك .
وأحمى صانع مرة طوقاً بالنار ورماه على الأرض ليبرد . واتفق أن اشتمل الطوق على نمل ، فتوجه في الجهات ليخرج ، فلحقه وهج النار ، فلزم المركز ووسط الطوق ، وكان ذلك مركزاً له ، وهو أبعد مكان من المحيط " . (3)



النمل الأبيض غذاؤه ومساكنه :


يحدثنا الأستاذ يوسف عز الدين : عما كشف العلم من أسرار هذا الكائن : " ومن الغرائز التي وهبها الله لمثل هذه الكائنات الضئيلة ما هو مذهل ، يجعل كل ذي عقل من البشر يخرّ ساجداً للخالق العظيم .
على سبيل المثال ما نراه في مستعمرة نوع من الحشرات نطلق عليه اسم ( النمل الأبيض ) ، تعيش هذه الحشرات أيضاً في مستعمرات ، إذا زاد أفراد المستعمرة عن الحد المعقول بالنسبة لكمية الغذاء المتاحة ، فإنّ هذه الحشرات تدرك هذه الحقيقة عن طريق الغريزة ، فتبدأ الأفراد في التهام عدد كبير من البيض ، وبذلك يسهم في حلّ مشكلة زيادة أفراد المستعمرة ومشكلة الغذاء ، إذ أن التهام البيض يعتبر تغذية ، وفي الوقت نفسه يقلل من عدد الذرية .


إنّ هذه الحشرات لا تدرك لماذا تفعل ذلك ، ولكنّها النفحة الإلهية التي تلهمها لعمل ما لا يمكن أن تدركه من الأشياء التي تعود عليها بالفائدة وتجنبها الفناء .هذه الحشرات نفسها تتغذى على الأخشاب وتلتهمها بشراهة ، إذ في بعض الأماكن الموبوءة بها قد يتناول أفراد الأسرة طعامهم على منضدة الطعام ، ثم يذهبون في الصباح لتناول إفطارهم ، فيجدون تلك المنضدة قد تقوضت أركانها ، وانهارت في ليلة واحدة .
وفي بعض جهات استراليا الموبوءة بتلك الحشرات المدمرة قد يسأل أحد السائحين وهو ناظر من نافذة القطار عن اسم القرية التي رآها على مدى البصر ، فيعتريه الذهول عندما يخبرونه أن تلك القرية لا تضم آدميين ، ولكنها المساكن التي أقامها النمل الأبيض ليعيش بها .
هذه المساكن ترتفع عن سطح الأرض عدة أمتار وتصنعها الحشرات من مادة غريبة ، هي خليط من لعابها وبعض المواد الأخرى ، وهي أقوى من الإسمنت المسلح ، ولا يمكن أن تخترقها الحشرات أو يتسرب إليها الماء من خلال جدرانها ، وبداخلها أنفاق متشعبة يعيش فيها النمل الأبيض .




وتستخدم هذه الحشرات للتخابر عن بعد نوعاً من الشيفرة تشبه شيفرة التلغراف ، إذ تدق على جدران النفق برأسها عدة دقات فيفهم باقي النمل ما تريد عن طريق تلك الدقات الشفرية ، تفعل ذلك دون أن تدري ماذا تفعل ، إذ إنها تفعلها عن طريق الإلهام المسمى الغريزة .
ولقد احتار العلماء فترة طويلة من الزمن في تفسير إمكان حياة مثل هذه الحشرات عن طريق الغذاء على الأخشاب ، والخشب لا يحتوي على أية مواد عضوية قابلة للهضم ، وأخيراً اكتشفوا السر .
لقد وجدوا في داخل الجهاز الهضمي لأفراد هذه الحشرات حيوانات دقيقة أولية يتكون جسمها من خلية واحدة ، وهذه الحيوانات الأولية تفرز أجسامها إفرازات تحول الخشب إلى مواد غذائية قابلة للهضم هي التي تغذي النمل الأبيض .


ومن العجيب أنّه لم يحدث إطلاقاً أن اكتشفت نملة بيضاء واحدة تخلو أمعاؤها من هذه الحيوانات الأولية ، ولو لم توجد هذه الحيوانات داخل أمعاء النمل الأبيض منذ بدء خلقها لما أمكنها الحياة ، ولانقرضت منذ أول جيل من أجيالها ، هل من الممكن أن يحدث هذا عن طريق المصادفة أم هو شيء مقدر مدبر مرسوم ؟ " .


النمل يربي المواشي ويفلح الأرض :

ومن عجائب النمل ما ذكره الدكتور يوسف عز الدين ، فقد ذكر أن النمل استأنس مئات من الأجناس من الحيوانات الأدنى منه شأناً ، بينما لم يستأنس الإنسان سوى نحو عشرين من الحيوانات الوحشية التي سخرها لمنفعته ومتعته ، ولقد عرف النمل الزرع والرعي عن طريق الغريزة .إنَّ حشرات المن التي يطلق عليها أحياناً ( قمل النبات ) التي نراها على أوراق بعض النبات يرعاها النمل ليستفيد منها . ففي الربيع الباكر يرسل النمل الرسل لتجمع له بيض هذا المن ، فإذا جاؤوا به وضعوه في مستعمراتهم حيث يضعون بيضهم ، ويهتمون ببيض هذه الحشرات كما يهتمون ببيضهم ، فإذا فقس بيض المن وخرجت منه الصغار أطعموها وأكرموها ، وبعد فترة قصيرة يأخذ المن يدر سائلاً حلواً كالعسل كما تدر البقرة اللبن ، ويتولى النمل حلب هذا المن للحصول على هذا السائل وكأنها أبقار .


ولا يعتني النمل بتربية ((المواشي)) هذه وحدها ، بل يعتني كذلك بالزرع وفلاحة الأرض ، لقد شاهد أحد العلماء في إحدى الغابات قطعة من الأرض قد نما بها أرز قصير من نوع نصف بري ، كانت مساحة القطعة خمسة أقدام طولاً في ثلاثة عرضاً ، وكان طول الأرز نحو ستة ((سنتيمترات)) ، ويتراءى للناظر إلى هذه البقعة من الأرض أنّ أحداً لا بد يعتني بها ، فالطينة حول الجذور كانت مشققة ، والأعشاب الغريبة كانت مستأصلة ، والغريب أنّه لم يكن على مقربة من هذا المكان عود آخر من الأرز ، فهذا الأرز لم ينم من تلقاء نفسه ، وإنّما زرعه زارع .ولوحظ أن طوائف النمل تأتي إلى هذا المزروع وتذهب عنه ، فانبطح العالم على الأرض يلاحظ ما يصنعه ، ولم يلبث أن عرف أنّ هذا النمل هو القائم بزراعة الأرز في تلك البقعة من الأرض ، وأنه اتخذ من زراعتها مهنة له ، تشغل كل وقته ، فبعضه كان يشق الأرض ويحرثها ، وبعض آخر كان يزيل الأعشاب الضارة ، فإذا ظهر عود من عشب غريب قام إليه بعض النمل ، فيقضمونه ، ثم يحملونه بعيداً عن المزرعة ...نما الأرز حتى بلغ طوله ستين سنتيمتراً ، وكانت حبوب الأرز قد نضجت ، فلما بدأ موسم الحصاد شاهد صفاً من شغالة النمل لا ينقطع متجهاً نحو العيدان ، فيتسلقها إلى أن يصل إلى حبوب الأرز ، فتنزع كل شغالة من النمل حبة من تلك الحبوب ، وتهبط بها سريعاً إلى الأرض ، ثم تذهب بها إلى مخازن تحت الأرض .بل الأعجب من ذلك أنّ طائفة من النّمل كانت تتسلق الأعواد ، فتلتقط الحب ، ثم تلقي به ، بينما طائفة أخرى تتلقاه ، وتذهب به إلى المخازن ..

ويعيش هذا النوع من النمل عيشة مدنية في بيوت كبيوتنا ذات شقق وطبقات ، أجزاء منها تحت الأرض ، وأجزاء فوق الأرض ، في هذه المدن نجد الخدم والعبيد .

بل الأعجب من ذلك نجد الممرضات اللاتي تعني بالمرضى ليلاً ونهاراً ، ونجد منها من يرفع جثث من يموت من النمل ....

يفعل ذلك النوع من النمل كلّ هذا بدون تفكير ، إذ يتم بالغريزة التي أودعها الله في أجسامهم الصغيرة .
--------------
(1) عزاء المجد ابن تيمية في المنتقي ص : 759 الى احمد وابي داود وابن ماجة بلفظ " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل اربع النملة والنحلة والهدهد والصرد "
(2)صحيح مسلم : 6/154 ورقمة 3019 وانظر 6/356 ورقمة 3318 ورواه مسلم : 4/1759 ورقمة 2241 والحديث مأخوذ من مجموع الروايات الواردة فيه
(3) شفاء العليل لابن القيم صفحة 104


__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
  #86  
قديم 2010-08-24, 08:18 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي

هداية الهدهد وعجائب صنع الله فيه


ويحدثنا ابن القيم بأسلوبه السهل الأخاذ عن نوع آخر من مخلوقات الله التي لها في كتاب الله ذِكْر ، ألا وهو الهدهد ، متحدثاً عن هداية الله له فيقول :" وهذا الهدهد من أهدى الحيوان وأبصره بمواضع الماء تحت الأرض ، لا يراه غيره ، ومن هدايته ما حكاه الله عنه في كتابه أنه قال لنبي الله سليمان ، وقد فقده وتوعده ، فلما جاء بَدَره بالعذر قبل أن ينذره سليمان بالعقوبة ، وخاطبه خطاباً هيجه به على الإصغاء إليه والقبول منه ، فقال : ( أحطت بما لم تُحط به ) [ النمل : 22 ] ، وفي ضمن هذا أني أتيتك بأمر قد عرفته حق المعرفة بحيث أحطت به ، وهو خبر عظيم له شأن ، فلذلك قال : ( وجئتك من سبإ بنبإٍ يقينٍ ) [ النمل : 22 ] ، والنبأ هو الخبر الذي له شأن ، والنفوس متطلعة إلى معرفته ، ثم وصفه بأنه نبأ يقين ، لا شك فيه ولا ريب ، فهذه مقدمة بين يدي إخباره لنبي الله بذلك النبأ استفرغت قلب المخبر لتلقي الخبر ، وأوجبت له التشوق التام إلى سماعه ومعرفته ، وهذا نوع من براعة الاستهلال وخطاب التهييج .

ثم كشف عن حقيقة الخبر كشفاً مؤكداً بأدلة التأكيد ، فقال : ( إنّي وجدت امرأةً تملكهم ) [ النمل : 23 ] ، ثم أخبر عن شأن تلك الملكة ، وأنها من أجلّ الملوك بحث أوتيت من كل شيء يصلح أن تؤتاه الملوك ، ثم زاد في عظيم شأنها بذكر عرشها الذي تجلس عليه ، وأنه عرش عظيم ، ثم أخبره بما يدعوه إلى قصدهم ، وغزوهم في عقر دارهم بعد دعوتهم إلى الله ، فقال : ( وجدتُّها وقومها يسجدون للشَّمس من دون الله ) [ النمل : 24 ] .
وحذف أداة العطف من هذه الجملة ، وأتى بها مستقلة غير معطوفة على ما قبلها ، إيذاناً بأنها هي المقصودة ، وما قبلها توطئة لها ، ثم أخبر عن المغوي لهم ، الحامل لهم على ذلك ، وهو تزيين الشيطان لهم أعمالهم ، حتى صدهم عن السبيل المستقيم ، وهو السجود لله وحده ، ثم أخبر أن ذلك الصد حال بينهم وبين الهداية والسجود لله الذي لا ينبغي السجود إلا له .


ثم ذكر من أفعاله – سبحانه – إخراج الخبء في السماوات والأرض ، وهو المخبوء فيهما من المطر والنبات والمعادن وأنواع ما ينزل من السماء ، وما يخرج من الأرض ، وفي ذكر الهدهد هذا الشأن من أفعال الرب تعالى بخصوصه إشعار بما خصه الله به من إخراج الماء المخبوء تحت الأرض .

قال صاحب الكشاف : وفي إخراج الخبء إمارة على أنه من كلام الهدهد لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض ، وذل بإلهام مَنْ يخرج الخبء في السماوات والأرض جلت قدرته ولطف علمه ، ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة الناظر بنور الله مخايل كل شخص بصناعة أو فن من المعلم في روائه ومنطقه وشمائله ، فما عمل آدمي عملاً إلا ألقى عليه رداء عمله "



__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
  #87  
قديم 2010-08-24, 08:19 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي

هداية الحمام وعجائب صنع الله فيه

أما حديث ابن القيم عن الحمام وبدائع صنع الله فيه ، وعجيب هدايته إلى ما هداه إليه فحديث طويل ممتع ، يدل على أن التفكير في خلق الله منهج أخذ به أهل العلم أنفسهم تحقيقاً لأمر الله لعباده ، وفي هذا يقول ابن القيم :وهذا الحمام من أعجب الحيوان هداية ، حتى قال الشافعي : أعقل الطير الحمام ، وبُردُ الحمام هي التي تحمل الرسائل والكتب ، وربما زادت قيمة الطير منها على قيمة المملوك والعبد ، فإن الغرض الذي يحصل به لا يحصل بمملوك ولا بحيوان غيره ؛ لأنه يذهب ويرجع إلى مكانه من مسيرة ألف فرسخ فما دونها ، وتنهي الأخبار والأغراض ، والمقاصد التي تتعلق بها مهمات الممالك والدول .
والقيمون بأمرها يعتنون بأنسابها اعتناء عظيماً ، فيفرقون بين ذكورها وإناثها وقت الفساد ، وتنقل الذكور عن إناثها إلى غيرها ، والإناث عن ذكورها ، ويخافون عليها من فساد أنسابها وحملها من غيرها ، ويتعرفون صحة طرقها ومحلها ، ولا يأمنون أن تفسد الأنثى ذكراً من عرض الحمام فتعتريها الهجنة ، والقيمون بأمرها لا يحفظون أرحام نسائهم ويحتاطون لها كما يحفظون أرحام حمامهم ويحتاطون لها .


والقيمون لهم في ذلك قواعد وطرق يعتنون بها غاية الاعتناء بحث إذا رأوا حماماً ساقطاً لم يخف عليهم حسبها ونسبها وبلدها ، ويعظمون صاحب التجربة والمعرفة ، وتسمح أنفسهم بالجعل الوافر له .
ويختارون لحمل الكتب والرسائل الذكور منها ، ويقولون : هو أحن إلى بيته لمكان أنثاه ، وهو أشد متناً ، وأقوى بدناً وأحسن اهتداء ، وطائفة منهم يختار لذلك الإناث ، ويقولون : الذكر إذا سافر وبعد عهده حنّ إلى الإناث وتاقت نفسه إليهن ، فربما رأى أنثى في طريقه ومجيئه فلا يصبر عنها ، فيترك السير ، ومال إلى قضاء وطره منها .

وهدايته على قدر التعليم والتوطين ، والحمام موصوف باليُمْن والإلف للناس ، ويحب الناس ويحبونه ، ويألف المكان ويثبت على العهد والوفاء لصاحبه ، وإن أساء إليه ، ويعود إليه من مسافات بعيدة ، وربما صد فترك وطنه عشر حجج ، وهو ثابت على الوفاء ، حتى إذا وجد فرصة واستطاعة عاد إليه .
والحمام إذا أراد السفاد يلطف للأنثى غاية اللطف ، وإذا علم الذكر أنه أودع رحم الأنثى ما يكون منه الولد يقوم هو والأنثى بطلب القصب والحشيش وصغار العيدان ، فيعملان منه أفحوصة ، وينسجانها نسجاً متداخلاً في الوضع الذي يكون بقدر حيمان الحمامة ، ويجعلان حروفها شاخصة مرتفعة ، لئلا يتدحرج عنها البيض ، ويكون حصناً للحاضن ، ثم يتعاودان ذلك المكان ، ويتعاقبان الأفحوص يسخنانه ، ويطيبانه وينفيان طباعه الأول ، ويحدثان فيه طبعاً آخر مشتقاً ومستخرجاً من طباع أبدانهما ورائحتهما ، لكي تقع البيضة إذا وقعت في مكان هو أشبه المواضع بأرحام الحمام ، ويكون على مقدار من الحر والبرد والرخاوة والصلابة .
ثم إذا ضربها المخاض بادرت إلى ذلك المكان ، ووضعت فيه البيض ، فإن أفزعها رعد قاصف رمت بالبيضة دون ذلك المكان الذي هيأته كالمرأة التي تُسقط من الفزع .


فإذا وضعت البيض في ذلك المكان لم يزالا يتعاقبان الحضن ، حتى إذا بلغ الحضن مداه وانتهت أيامه انصدع عن الفراخ ، فأعاناه على خروجه ، فيبدآن أولاً بفتح الريح في حلقه حتى تتسع حوصلته ، علماً بأن الحوصلة تضيق عن الغذاء ، فتتسع الحوصلة بعد التحامها ، وتنفتق بعد ارتتاقها .
ثم يعلمان أن الحوصلة وإن كانت قد اتسعت شيئاً فإنها في أول الأمر لا تحتمل الغذاء ، فيزقانه بلعابهما المختلط بالغذاء ، وفيه قوى الطعم .

ثم يعلمان أن طبع الحوصلة تضعف عن استمرار الغذاء ، وأنها تحتاج إلى دفع وتقوية ، لتكون لها بعض المتانة ، فيلقطان من الغيطان الحب اللين الرخو ، ويزقانه الفرخ ، ثم يزقانه بعد ذلك الحب الذي هو أقوى وأشد .
ولا يزالان يزقانه بالحب والماء على تدريج بحسب قوة الفرخ ، وهو يطلب ذلك منهما ، حتى إذا علما أنه قد أطاق اللقط منعاه بعض المنع ، ليحتاج إلى اللقط ويعتاده ، وإذا علما أن رئته قد قويت ونمت ، وأنهما إن فطماه فطماً تاماً قوي على اللقط وتبلغ لنفسه ضرباه إذا سألهما الزق ، ومنعاه .ثم تنزع تلك الرحمة العجيبة منهما ، وينسيان ذلك التعطف المتمكن حين يعلمان أنه قد أطاق القيام بالتكسب بنفسه ، ثم يبتدآن ابتداء ذلك النظام .


ومن عجيب هداها أنها إذا حملت الرسائل سلكت الطرق البعيدة عن القرى ومواضع الناس ؛ لئلا يعرض لها من يصدها ، ولا يرد مياههم ، بل يرد المياه التي لا يردها الناس .

ومن هداية الحمام أن الذكر والأنثى يتقاسمان أمر الفراخ ، فتكون الحضانة والتربية والكفالة على الأنثى ، و*** القوت والزق على الذكر ، فإنّ الأب هو صاحب العيال والكاسب لهم ، والأم هي التي تحبل وتلد وترضع .


ومن عجيب أمرها ما ذكره الجاحظ : أن رجلاً كان له زوج حمام مقصوص ، وزوج طيار ، وللطيار فرخان ، قال : ففتحت لهما في أعلى الغرفة كوة للدخول والخروج وزق فراخهما ، قال : فحبسني السلطان فجأة ، فاهتممت بشأن المقصوص غاية الاهتمام ، ولم أشك في موتهما ؛ لأنها لا يقدران على الخروج من الكوة ، وليس عندهما ما يأكلان ويشربان .
قال : فلما خلي سبيلي ، لم يكن لي هم غيرهما ، ففتحت البيت فوجدت الفراخ قد كبرت ، ووجدت المقصوص على أحسن حال ، فعجبت ، فلم ألبث أن جاء الزوج الطيار ، فدن الزوج المقصوص إلى أفواههما يستطعمانهما كما يستطعم الفرخ فزقاهما .


فانظر إلى هذه الهداية ، فإن المقصوصين لما شاهدا تلطف الفراخ ، للأبوين وكيف يستطعمانهما إذا اشتد بهما الجوع والعطش ، فعلا كفعل الفرخين ، فأدركتهما رحمة الطيارين ، فزقاهما كما يزقان فرخيهما .
ومن هدايتها أيضاً أنه إذا رأى الناس في الهواء عرف أي صنف يريده ، وأي نوع من الأنواع ضده ، فيخالف فعله ليسلم منه ، ومن هدايته أنه في أول نهوضه يغفل ، ويمر بين النسر والعقاب ، وبين الرخم والبازي ، وبين الغراب والصقر ، فيعرف من يقصده ، ومن لا يقصده ، وإن رأى الشاهين فكأنه يرى السم الناقع ، وتأخذه حيرة كما يأخذ الشاة عند رؤية الذئب ، والحمار عند مشاهدة الأسد .




مزيد من عجائب هداية الله مخلوقاته_كلبة ترضع طفلاً مات أهله


قال الجاحظ : لما وقع الطاعون الجارف أتى على أهل دار ، فلم يشك أهل تلك المحنة أنه لم يبق منهم أحد ، فعمدوا إلى باب الدار فسدوه ، وكان قد بقي صبي صغير يرضع ، ولم يفطنوا له ، فلما كان بعد ذلك بمدة تحول إليها بعض ورثة القوم ، ففتح الباب ، فلما أفضى إلى عرصة الدار إذا هو بصبي يلعب مع جراء كلبة قد كانت لأهل الدار فراعه ذلك ، فلم يلبث أن أقبلت كلبة قد كانت لأهل الدار ، فلما رآها الصبي حبها إليها ، فأمكنته من أطبائها ، فمصها ، وذلك أن الصبي لما اشتد جوعه ورأى جراء الكلبة يرتضعون من أطباء الكلبة حبا إليها ، فعطفت عليه ، فلما سقته مرة أدامت له ذلك ، وأدام هو الطلب .


__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
  #88  
قديم 2010-08-24, 08:20 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي

المكاء يقتل الأفعى


وذكر ابن الأعرابي قال : أكلت حية بيض مكاء ، فجعل المكاء يصوت ويطير على رأسها ، ويدنو منها ، حتى إذا فتحت فاها وهمت به ألقى حسكة ، فأخذت بحلقها حتى ماتت ، وأنشد أبو عمر الشيباني في ذلك قول الأسدي :
إن كنت أبصرتني عيلاً ومصطلماً ××× فربما قتل المكاء ثعباناً


<h2>هداية الثعلب وحيله

ومن عجيب هداية الثعلب أنه إذا امتلأ من البراغيث أخذ صوفة بفمه ، ثم عمد إلى ماء رقيق ، فنزل فيه قليلاً ، حتى ترتفع البراغيث إلى الصوفة ، فيلقيها في الماء ويخرج .
ومن عجيب أمره أن ذئباً أكل أولاده ، وكان للذئب أولاد وهناك زبية ، فعمد الثعلب وألقى نفسه فيها ، وحفر فيها سرداباً يخرج منه ، ثم عمد إلى أولاد الذئب فقتلهم ، وجلس ناحية ينتظر الذئب ، فلما أقبل وعرف أنها فعلته هرب قدامه ، وهو يتبعه ، فألقى نفسه في الزبية ، ثم خرج من السرداب ، فألقى الذئب نفسه وراءه فلم يجده ، ولم يطق الخروج ، فقتله أهل الناحية .


ومن عجيب أمره أن رجلاً كان معه دجاجتان ، فاختفى له ، وخطف إحداهما وفر ، ثم أعمل فكره في أخذ الأخرى ، فتراءى لصاحبها من بعيد وفي فمه شيء شبيه بالطائر ، وأطعمه في استعادتها بأن تركه وفر ، فظن الرجل أنها الدجاجة ، فأسرع نحوها ، وخالفه الثعلب إلى أختها ، فأخذها وذهب .


ومن عجيب أمره أنه أتى إلى جزيرة فيها طير ، فأعمل الحيلة كيف يأخذ منها شيئاً فلم يطق ، فذهب وجاء بضغث من حشيش وألقاه في مجرى الماء الذي نحو الطير ففزع منه ، فملا عرفت أنه حشيش رجعت إلى أماكنها ، فعاد لذلك مرة ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، حتى تواظب الطير على ذلك وألفته ، فعمد إلى جرزة أكبر من ذلك ، فدخل عليها وعبر إلى الطير ، فلم يشك الطير أنه من جنس ما قبله ، فلم تنفر منه ، فوثب على طائر منها وعدا به .

ومن عجيب أمره أنه إذا اشتد به الجوه انتفخ ، ورمى بنفسه في الصحراء كأنّه جيفة ، فتتداوله الطير ، فلا يظهر حركة ولا نفساً ، فلا تشك أنه ميت ، حتى إذا نقر بمنقاره ، وثب عليها ، فضمها ضمة الموت .
ومن عجيب أمره أنه إذا أصاب القنفذ ، قَلَبَهُ لأجل شوكه ، فيجتمع القنفذ حتى يصير كبة شوك ، فيبول الثعلب على بطنه ما بين مغرز عجبه إلى فكيه ، فإذا أصابه البول اعتراه الأسر ، فانبسط ، فيسلخه الثعلب من بطنه ، ويأكل مسلوخه .


<h2>من عجائب الذئاب


ومن عجيب الذئب أنه عرض لإنسان يريد قتله ، فرأى معه قوساً وسهماً ، فذهب وجاء بعظم رأس جمل في فيه ، وأقبل نحو الرجل ، فجعل الرجل كلما رماه بسهم اتقاه بذلك العظم حتى أعجزه ، وعاين نفاد سهمه ، فصادف من استعان به على طرد الذئب .

<h2>من عجائب القرود

ومن عجيب أمر القرود ما ذكره البخاري في صحيحه ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : رأيت في الجاهلية قرداً وقردة زنيا ، فاجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا ، فهؤلاء القرود أقاموا حد الله حين عطله بنو آدم

<h2>من عجائب البقر


وهذه البقر يضرب ببلادتها المثل ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنّ رجلاً بينما هو يسُوق بقرة إذ ركبها فقالت : ( لم أخلق لهذا ) فقال الناس : سبحان الله بقرة تتكلم ؟! فقال : ( فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر ، وما هما ثَمّ ) .
قال : ( وبينما رجل يرعى غنماً له إذا عدا الذئبُ على شاة منها فاستنفذها منه ، فقال الذئب : هذه استنفذتها مني ، فمن لها يوم السبُع يوم لا راعي لها غيري ) ، فقال الناس : سبحان الله ذئب يتكلم ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني أومنُ بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثمّ ) .


<h2>من عجائب الفئران


ومن عجيب أمر الفئران أنها إذا شربت من الزيت الذي في أعلى الجرة فنقص وعزّ عليها الوصول إليه ذهبت ، وحملت في أفواهها ماءً وصبته في الجرة ، حتى يرتفع الزيت فتشربه .

<h2>من عجائب الحيوان استخدامه الدواء

والأطباء تزعم أن الحقنة أخذت من طائر طويل المنقار ، إذا تعسر عليه الذرق جاء إلى البحر المالح ، وأخذ بمنقاره منه واحتقن به ، فيخرج الذرق بسرعة .

وهذا ابن عرس والقنفذ إذا أكلا الأفاعي والحيات عمدا إلى الصتر النهري ، فأكلاه كالترياق لذلك .

وهذا الثعلب إذا أصابه صدع أو جرح يأتي إلى صبغ معروف ، فيأخذ منه ، ويضعه على جرحه كالمرهم ، والدبّ إذا أصابه جرح يأتي إلى نبت قد عرفه ، وجهله صاحب الحشائش ، فيتداوى به فيبرأ !


__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
  #89  
قديم 2010-08-24, 08:22 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي

تعلم الإنسان من الحيوان

وكثير من العقلاء يتعلم من الحيوانات البهم أموراً تنفعه في معاشه وأخلاقه وصناعته وحربه وحزمه وصبره ، وهداية الحيوان فوق هداية أكثر الناس قال تعالى : ( أمّ تحسب أنَّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاَّ كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلاً ) [ الفرقان : 44 ] قال أبو جعفر الباقر : والله ما اقتصر على تشبيههم بالأنعام ، حتى جعلهم أضل سبيلاً منها ، فمن هدى الأنثى من السباع إذا وضعت ولدها أن ترفعه في الهواء أياماً تهرب به من الذر والنمل ، لأنها تضعه كقطعة من لحم ، فهي تخاف عليه الذر والنمل ، فلا تزال ترفعه وتضعه وتحوله من مكان إلى مكان حتى يشتد .
وقال ابن الأعرابي : قيل لشيخ من قريش : مَنّ علمك هذا كله ، وإنما يعرف مثله أصحاب التجارب والتكسب ؟ قال : علمني الله ما علم الحمامة تقلب بيضها حتى تعطي الوجهين جميعاً نصيبهما من حضانتها ، ولخوف طباع الأرض على البيض إذا استمر على جانب واحد .

وقيل لآخر : مَنْ علمك اللجاج في الحاجة والصبر عليها وإن استعصت حتى تظفر بها ؟ قال : مِنْ علم الخنفساء إذا صعدت في الحائط تسقط ، ثم تصعد ، ثم تسقط مراراً عديدة ، حتى تستمر صاعدة .
وقيل لآخر : مَنْ علمك البكور في حوائجك أول النهار لا تخل به ؟ قال : من علم الطير تغدو خماصاً كل بكرة في طلب أقواتها على قربها وبعدها ، لا تسأم ذلك ، ولا تخاف ما يعرض لها في الجو والأرض .


وقيل لآخر : مَنْ علمك السكون والتحفظ والتماوت حتى تظفر بأربك ، فإذا ظفرت به وثبت وثوب الأسد على فريسته ؟ فقال : الذي علم السِّنَّورة أن ترصد جحر الفأرة ، فلا تتحرك ولا تتلوى ، ولا تختلج كأنها ميتة ، حتى إذا برزت لها الفأرة وثبت عليها كالأسد .


وقيل لآخر : مَنْ علمك الصبر والجلد والاحتمال وعدم السكون ؟ قال : من علم ابا أيوب صبره على الأثقال والأحمال الثقيلة ، والمشي والتعب وغلظة الجمّال وضربه ، فالثقل والكل على ظهره ، ومرارة الجوع والعطش في كبده ، وجهد التعب والمشقة ملأ جوارحه ولا يعدل به ذلك عن الصبر .


وقيل لآخر : مَنْ علمك حسن الإيثار والسماحة بالبذل ؟ قال : من علم الديك يصادف الحبة في الأرض ، وهو يحتاج إليها فلا يأكلها ؛ بل يستدعي الدجاج ويطلبهن طلباً حثيثاً ، حتى تجيء الواحدة منهن فتلقطها ، وهو مسرور بذلك طيب النفس به ، وإذا وضع له الحب الكثير فرّقه هنا و هنا ، وإن لم يكن هناك دجاج ، لأن طبعه قد ألف البذل والجود ، فهو يرى من اللؤم أن يستبد وحده بالطعام .

وقيل لآخر : مَنْ علمك هذا التحيل في طلب الرزق ووجوه تحصيله ؟ قال : من علم الثعلب تلك الحيل التي يعجز العقلاء عن علمها وعملها ، وهي أكثر من أن تذكر .
ومَنْ علم الأسد إذا مشى وخاف أن يقتفى أثره ويطلب ، عفى أثر مشيته بِذَنَبِه ، ومن علمه أن يأتي إلى شبله في اليوم الثالث من وضعه ، فينفخ في منخريه ، لأن اللبوة تضعه جرواً كالميت ، فلا تزال تحرسه حتى يأتي أبوه فيفعل به ذلك ! .
ومن ألهم كرام الأسود وأشرافها أن لا تأكل إلا من فريستها ، وإذا مر بفريسة غيره لم يدن منها ولو جهده الجوع !


ومن علم الأنثى من الفيلة إذا دنا وقت ولادتها أن تأتي إلى الماء فتلد فيه ، لأنها دون الحيوانات لا تلد إلا قائمة ، لأن أوصالها على خلاف أوصال الحيوان ، وهي عالية ، فتخاف أن تسقطه على الأرض فينصدع أو ينشق ، فتأتي ماء وسطاً تضعه فيه يكون كالفراش اللين والوطاء الناعم .
ومن علم الذباب إذا سقط في مائع أن يتقي بالجناح الذي فيه الداء دون الآخر !


ومَنْ علم الكلب إذا عاين الظباء أن يعرف المعتل من غيره ، والذكر من الأنثى ، فيقصد الذكر مع علمه بأنّ عدوه أشد وأبعد وثبة ، ويدع الأنثى على نقصان عدوها ؛ لأنّه قد علم أن الذكر إذا عدا شوطاً أو شوطين حقن ببوله ، وكل حيوان إذا اشتد فزعه فإنه يدركه الحقن ، وإذا حقن الذكر لم يستطع البول مع شدة العدو ، فيقل عدوه ، فيدركه الكلب ، وأما الأنثى فتحذف بولها لسعة القبل وسهولة المخرج ، فيدوم عدوها !.


ومَنْ علمه أنه إذا كسا الثلج الأرض أن يتأمل الموضع الرقيق الذي قد انخسف ، فيعلم أن تحته جحر الأرانب ، فينبشه ، ويصطادها علماً منه بأن حرارة أنفاسها تذيب بعض الثلج فيرق !
ومن علم الذئب إذا نام أن يجعل النوم نوباً بين عينيه ، فينام بإحداهما ، حتى إذا نعست الأخرى نام بها ، وفتح النائمة ! حتى قال بعض العرب :
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ××× بأخرى المنايا فهو يقظان نائم


ومَنْ علم العصفورة إذا سقط فرخها أن تستغيث ، فلا يبقى عصفور بجوارها حتى يجيء ، فيطيرون حول الفرخ ، ويحركونه بأفعالهم ، ويحدثون له قوة وهمة وحركة ، حتى يطير معهم !

قال بعض الصيادين : ربما رأيت العصفور على الحائط ، فأومي بيدي كأني أرميه فلا يطير ، وربما أهويت إلى الأرض كأني أتناول شيئاً فلا يتحرك ، فإن مسست بيدي أدنى حصاة أو حجر أو نواة طار قبل أن تتمكن منها يدي .

ومن علم (( اللبب )) وهو صنف من العناكب أن يلطأ بالأرض ، ويجمع نفسه ، فيرى الذبابة أنه لاه عنها ، ثم يثب عليها وثوب الفهد !


ومن علم العنكبوت أن تنسج تلك الشبكة الرفيعة المحكمة ، وتجعل في أعلاها خيطاً ثم تتعلق به ، فإذا تعرقلت البعوضة في الشبكة تدلت إليها فاصطادتها !
ومن علم الظبي أن لا يدخل كناسه إلا مستدبراً ، ليستقبل بعينه ما يخافه على نفسه وخشفه !
ومن علم السنور إذا رأى فأرة في السقف أن يرفع رأسه كالمشير إليها بالعود ، ثم يشير إليها بالرجوع ، وإنما يريد أن يدهشها فتزلق فتسقط !


ومن علم اليربوع أن يحفر بيته في سفح الوادي حيث يرتفع عن مجرى السيل ليسلم من مدق الحافر ومجرى الماء ، ويعمقه ثم يتخذ يف زواياه أبواباً عديدة ، ويجعل بينها وبين وجه الأرض حاجزاً رقيقاً ، فإذا أحس بالشر فتح بعضها بأيسر شيء ، وخرج منه ، ولما كان كثير النسيان لم يحفر بيته إلا عند أكمة أو صخرة علامة له على البيت ، إذا ضل عنه!

ومن علم الفهد إذا سمن أن يتوارى لثقل الحركة عليه حتى يذهب ذلك السمن ، ثم يظهر !
ومن علم الأيل إذا سقط قرنه أن يتوارى ، لأنّ سلاحه قد ذهب ، فيسمن لذلك ، فإذا كمل نبات قرنه تعرض للشمس والريح ، وأكثر من الحركة ليشتد لحمه ، ويزول السمن المانع له من العدو .
وهذا باب واسع جداً ، ويكفي فيه قوله – سبحانه – ( وما من دابَّةٍ في الأرض ولا طائِرٍ يطير بجناحيه إلاَّ أمم أمثالكم مَّا فرَّطنا في الكتاب من شيء ثمَّ إلى ربهم يحشرون – والَّذين كذَّبوا بِآيَاتِنَا صمٌّ وبكمٌ في الظُّلمات من يَشَإِ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراطٍ مستقيمٍ ) [ الأنعام : 38-39 ] .



وجه المماثلة بين الحيوانات وبني الإنسان :


قال ابن عباس في رواية عطاء : ( إلاَّ أمم أمثالكم ) [ الأنعام : 38 ] ، ويريد : يعرفونني ، ويوحدونني ، ويسبحونني ، ويحمدونني ، مثل قوله تعالى : ( وإن من شيءٍ إلاَّ يسبح بحمده ) [ الإسراء : 44 ] ، ومثل قوله : ( ألم تر أنَّ الله يسبح له من في السَّماوات والأرض والطَّير صافاتٍ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه ) [ النور : 41 ] .
(1/76)

ويدل على هذا قوله تعالى : ( ألم تر أنَّ الله يسجد له من في السَّماوات ومن في الأرض والشَّمس والقمر والنُّجوم والجبال والشَّجر والدَّواب ) [ الحج : 18 ] وقوله : ( ولله يسجد ما في السَّماوات وما في الأرض من دابّةٍ والملائكة وهم لا يستكبرون ) [النحل : 49 ] ، ويدل عليه قوله تعالى : ( يا جبال أوّبي معه والطَّير ) [ سبأ : 10 ] ، ويدل عليه قوله : ( وأوحى ربُّك إلى النَّحل ) [ النحل : 68 ] ، وقوله : ( قالت نملةٌ يا أيُّها النَّمل ) [ النمل : 18 ] ، وقول سليمان ( عُلّمنا منطق الطَّير ) [ النمل : 16 ] .



وقال مجاهد : أمم أمثالكم ، أصناف مصنفة تعرف بأسمائها ، وقال الزجاج : أمم أمثالكم في أنها تبعث .
وقال ابن قتيبة : أمم أمثالكم في طلب الغذاء ، وابتغاء الرزق ، وتوقي المهالك .
وقال سفيان بن عيينة : ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من البهائم ، فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد ، ومنهم من يعدو عدو الذئب ، ومنهم من ينبح نباح الكلب ، ومنهم من يتطوس كفعل الطاووس ، ومنهم من يشبه الخنازير التي لو ألقي عليها الطعام الطيب عافته ، فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه ، فلذلك تجد من الآدميين من لو سمع خمسين كلمة لم يحفظ واحدة منها ، وإن أخطأ رجل ترّواه وحفظه .
قال الخطابي : ما أحسن ما تأول سفيان هذه الآية واستنبط منها هذه الحكمة ، وذلك أن الكلام إذا لم يكن حكمه مطاوعاً لظاهره وجب المصير إلى باطنه ، وقد أخبر الله عن وجود المماثلة بين الإنسان وبين كل طائر ودابة ، وذلك ممتنع من جهة الخلقة والصورة ، وعدم من جهة النطق والمعرفة ، فوجب أن يكون منصرفاً إلى المماثلة في الطباع والأخلاق .


والله – سبحانه – قد جعل بعض الدواب كسوباً محتالاً ، وبعضها متوكلاً غير محتال ، وبعض الحشرات يدخر لنفسه قوت سنته ، وبعضها يتكل على الثقة بأن له في كل يوم قدر كفايته رزقاً مضموناً وأمراً مقطوعاً ، وبعضها لا يعرف ولده ألبتة ، وبعض الإناث تكفل ولدها لا تعدوه ، وبعضها تضيع ولدها ، وتكفل ولد غيرها ، وبعضها لا تعرف ولدها إذا استغنى عنها ، وبعضها يدخر ، وبعضها لا تكسب له ، وبعض الذكور يعول ولده ، وبعضها لا تزال تعرفه وتعطف عليه .



وجعل بعض الحيوانات يُتمها من قِبل أمهاتها ،وبعضها يُتمها من قبل آبائها ، وبعضها لا يلتمس الولد ، وبعضها يستفرغ الهم في طلبه ، وبعضها يعرف الإحسان ويشكره ، وبعضها ليس ذلك عنده شيئاً ، وبعضها يؤثر على نفسه ، وبعضها إذا ظفر بما يكفي أمة من جنسه لم يدع أحداً يدنو منه .
وبعضها يألف بني آدم ويأنس بهم ، وبعضها يستوحش منهم ، وينفر غاية النفار ، وبعضها لا يأكل إلا الطيب ، وبعضها لا يأكل إلا الخبائث ، وبعضها يجمع بين الأمرين .
وبعضها لا يؤذي إلا من بالغ في أذاها ، وبعضها يؤذي من لا يؤذيها ، وبعضها حقود لا ينسى الإساءة ، وبعضها لا يذكرها ألبتة ، وبعضها لا يغضب ، وبعضها يشتد غضبه ، فلا يزال يسترضى حتى يرضى ، وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس ، وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك ألبتة ، وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه ، وبعضها الحسن والقبيح سواء عنده ، وبعضها يقبل التعليم بسرعة ، وبعضها مع الطول ، وبعضها لا يقبل ذلك بحال .


وهذا كله من أدل الدلائل على الخالق لها سبحانه ، وعلى إتقان صنعه ، وعجيب تدبيره ، ولطيف حكمته ، فإن فيما أودعها من غرائب المعارف ، وغوامض الحيل ، وحسن التدبير ، والتأني لما تريده ، ما يستنطق الأفواه بالتسبيح ، ويملأ القلوب من معرفته ومعرفة حكمته وقدرته ، وما يعلم به كل عاقل أنه لم يخلق عبثاً ، ولم يترك سدى ، وأن له – سبحانه – في كل مخلوق حكمة باهرة وآية ظاهرة وبرهاناً قاطعاً ، يدل على أنه رب كل شيء ومليكه ، وأنه المتفرد بكل كمال دون خلقه ، وأنه على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم


__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
  #90  
قديم 2010-08-24, 08:23 PM
الصورة الرمزية MAGIC7
MAGIC7 MAGIC7 غير متواجد حالياً
مشرف منتدى الصور
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: EGYPT
المشاركات: 768
MAGIC7 is on a distinguished road
افتراضي

هداية الخالق الكائنات لطريقة التكاثر

من الأشياء العجيبة التي تشترك فيها جميع الكائنات الحية القدرة على التكاثر ، لتكوين ذرية يكون من شأنها الاستمرار بالحياة ، واستمرار بقاء النوع وعدم انقراضه .
وتتم عملية إنجاب الذرية في الكائنات الحية المختلفة بطرق شتى ، ولكنّها تصل إلى الهدف المنشود . (فالبكتريا) (وهي من النباتات) تتكاثر ، وكذلك تفعل باقي النباتات والحيوانات على اختلاف درجة فيها . ولا يمكن من وجهة نظر العلوم الرياضية أن تحدث مصادفات يكون من شأنها إيجاد ذكر أو أنثى في آلاف من النباتات والحيوانات لهدف مرسوم ومحدد وهو إنجاب ذرية تبقى بعد الفناء .

ومن الحيوانات والنباتات ما لا يتميز فيها ذكر وأنثى ، ومع ذلك فإنّها تتكاثر وتنجب ذرية ، فحيوان صغير الحجم أوّلي مثل حيوان (الأميبا) الذي يعيش في الماء والمكّون جسمه من خلية واحدة يتكاثر بطريقة عجيبة ، إذ إنّ الحيوان الواحد ينقسم إلى قسمين ، وكل قسم يتحول إلى حيوان ، والحيوانات المتكونة من الانقسام تنقسم بدورها إلى حيوانين وهكذا ... يحدث هذا عندما تكون ظروف الحياة ملائمة وعادية .


أمَّا إذا شعر هذا الحيوان بما ينذر بالخطر فإنّه يتحوصل ؛ أي يفرز حول جسمه حوصلة ، وينقسم إلى حيوانين ، بل عشرات الحيوانات داخل الحوصلة ؛ لكي يعوض الوقت الذي قد يضيع هباء داخل الحوصلة إلى حين رجوع الظروف الملائمة لحياته .

ويحدث التكاثر عن طريق الانقسام في الحيوانات أولية عديدة غير ( الأميبا ) مثل الحيوان المسمى : (البراميسيوم) وهو يعيش في الماء ، ويتكاثر أيضاً بالانقسام الثنائي في الظروف الملائمة كما تنقسم (الأميبا) ، ولكنه من آن لآخر يحتاج إلى تجديد نشاطه وحيويته ، فيلجأ إلى طريقة أخرى للتكاثر بالغة التعقيد يكون من شأنها تجنيد النَّوى ( ولكل خلية نواة كما هو معلوم ) حيث ينجب كل فرخ في هذه الحالة أربعة أفراد بدلاً من انقسام حيوان إلى حيوانين فقط .

وفي الحيوانات الأرقى من هذه الحيوانات الأولية ، إذا كانت ظروف الحياة تحول دون سهولة التقاء الأنثى بالذكر لإنجاب الذرية ، فإنّ الحيوان في هذه الحالة يصبح أنثى ذكراً في الوقت نفسه ، أي يصبح خنثى حيث يضم جسمه أعضاء التناسل الأنثوية والذكرية جنباً إلى جنب ، فيستطيع بذلك أن ينجب ذريته دون حاجة إلى انتظار فرصة التقاء الجنسين ، يحدث هذا مثلاً في الدودة الكبدية التي تعيش في القنوات المرارية لبعض الحيوانات حيث يصعب على أحد الجنسين التنقل والتجول في هذا المكان الضيق للعثور على الجنس الآخر ، وفي الوقت نفسه إذا حدث أن التقى حيوانان من هذه الديدان من الممكن أن يلقح أحدهما الآخر حيث يصبح أحدهما وكأنه أنثى ، ويصبح الآخر وكأنه ذكر .

إن حدوث ملايين المصادفات في آن واحد لهدف معين مشترك وفي حيوانات مختلفة وبوسائل متباينة شيء لا يقره العلم ، ولا تقره علوم الرياضيات ، وفي هذه الحالة لا بدّ أن يسلم بوجود قوة خالقة عاملة وراء هذا كله .



ومنذ وجود أول حيوان ثديي على هذه الأرض ، والأنثى مزودة بمصنع لإنتاج اللبن ، وذلك لكي يضمن الصغير الحصول على غذائه بمجرد خروجه من بطه أمه ، ولو لم يجد هذا الثدي الذي يبرز من جسم الأم منذ أول حيوان ثديي لما أتيحت فرصة النمو والبقاء على قيد الحياة لأول مولود ، أي أنها عملية مدبرة ومقدرة منذ البداية ، ولا تخضع للتجربة والخطأ ، إذ أنها لا تحتمل الخطأ مرة واحدة .

فهل يمكن أن يتصور أيّ إنسان عاقل أن تزويد الأم بطعام الصغير المولود يأتي نتيجة مصادفة عمياء ؟ ولبن أنثى الحيوانات الثديية – علاوة على فائدته الغذائية – نجده مزوداً بمواد تحمل للمولود مناعة ضد الأمراض إلى أن يشب عن الطوق ، ويمكن جسمه من الدفاع عن نفسه . وجميع الجهود التي تضافرت لصنع الألبان اللازمة لتغذية الصغار فشلت في صنع الألبان التي تحمل نفس صفات اللبن الذي أمد الله به الأنثى " .


أهمية الغريزة الجنسية :

ويحدثنا الدكتور يوسف عن الغريزة الجنسية وأهميتها وعظيم أثرها فيقول : " ومن الأشياء التي حيرت العلماء كنه الغريزة الجنسية ، تلك الغريزة التي تجعل الذكر ينجذب إلى الأنثى ، والأنثى تنجذب إلى الذكر .
والغريزة الجنسية هي أقوى الغرائز ؛ لأنها أهما بالنسبة لبقاء النوع وعدم انقراضه ، والهدف الرئيسي لبقاء بعض الحيوانات هو إتمام الالتقاء الجنسي ، ثم يموت بعد ذلك .
فالطور الكامل للحشرات المسماة (ذباب مايو) ، لا يزيد عن بضعة أيام ، وهي في طورها الكامل هذا لا تتغذى إذ لا توجد بها أجزاء للفم تصلح لتناول الطعام إطلاقاً ، وإنما وظيفتها الرئيسية في هذه الفترة القصيرة من العمر هي التقاء الذكر بالأنثى لإنجاب الذرية ، حيث تموت الأم بعد ذلك مباشرة بعد أن تكون أدّت رسالتها وكذلك يموت الأب .

__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل فهمنا معنا نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم...وكيف تكون؟؟ GHOST منتدى نور الإيمان 11 2009-09-04 07:15 PM
لو سالنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال ماذا سيكون جوابنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ TORGO منتدى نور الإيمان 6 2009-08-19 03:55 AM
الله أكبر :( قرية بالكامل تعلن اسلامها بفضل الله / التعليق ).!!! THE KING منتدى نور الإيمان 4 2009-07-14 07:58 PM
سر معنى:سبحان الله والحمد لله والله اكبر ولا الله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله -=(Lonley Girl)=- منتدى نور الإيمان 2 2008-08-05 03:28 PM


الساعة الآن 10:24 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By World 4Arab
www.q8-one.com