نقص حاد في الغاز والمحروقات بسوريا ينذر بتفاقم الأزمة

[admin]

بيروت - محمد زيد مستو يعاني السوريون خلال الأسابيع الأخيرة من صعوبة كبيرة في الحصول على اسطوانات الغاز والمحروقات، التي تشهد انخفاضاً حاداً في سورية، وسط اتهامات للنظام السوري بتوجيه مقدرات الدولة لدعم الحملة الأمنية ومعاقبة الأحياء والمدن المنتفضة.

واشتكى مواطنون من محافظات سورية عدة في حديثهم لـ"العربية.نت" عبر الهاتف، من صعوبة كبيرة في الحصول على اسطوانات الغاز و"المازوت"، مؤكدين وقوفهم لساعات طويلة في انتظار كميات قليلة منها، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعارها.

وفيما قال مواطنون من مدينة القابون في دمشق، إن سعر اسطوانة الغاز ارتفع من 250 ليرة إلى 500 ليرة (عشرة دولارات) خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع صعوبة الحصول عليها، أكد آخرون في مدينة حمص، أن سعر اسطوانة الغاز الواحدة بلغ أكثر من ألف ليرة سورية (20 دولارا)، في أحياء حمص، وهو ما أكدته صحيفة الوطن السورية التي عزت الأسباب في ارتفاعها إلى إهمال الحكومة واستغلال التجار.

وأكدت الصحيفة المقربة من الحكومة في عدد صدر قبيل أيام، أن أسعار المحروقات ارتفعت بشكل "لا يطاق" وسط معاناة الأهالي من "الجماعات المسلحة"، فيما لم تحصل مدينة حمص على مستحقاتها من المواد البترولية رغم دخول فصل الشتاء البادر.

كارثة إنسانية



ووصف سوريون ما يجري في البلاد، بـ"الكارثة الإنسانية"، بسبب الشح الكبير في الغاز والمحروقات التي تستعمل في المخابز وداخل البيوت والتدفئة، مع قدوم شهر الشتاء مبكراً هذا العام.
وشدّد مواطنون من دمشق وحمص وإدلب، أنهم استعاضوا عن تدفئة المنازل بارتداء المزيد من الملابس في منازلهم، فيما أشار آخرون، إلى عودتهم لاستعمال "الخشب" والأدوات القديمة في الطهي والتفئة بمنازلهم.

وتتفاقم الأزمة حسب هؤلاء، مع انقطاع متكرر في الكهرباء، في أحياء معارضة كثيرة تسيطر عليها الحواجز الأمنية وقناصة يمنعون التجول. كما تلقي بظلالها على إنتاج الخبز الذي يستعمل الوقود في تشغيل أفرانه.

وأظهرت مقاطع فيديو كثيرة بثها ناشطون سوريون على الانترنت، عشرات الأهالي بانتظار الحصول على اسطوانات الغاز.

كما أظهرت صور أخرى العشرات من وسائل النقل داخل محطات الوقود، في انتظار دورها للحصول على كميات قليلة، حسبما نوه به ناشط سياسي من مدينة دمشق، الذي أكد أنهم انتظروا من الثالثة فجراً، إلى منتصف النهار، للحصول على كمية قليلة من "المازوت" قد لا يستطيع كل من انتظر الحصول عليها.

وأظهر أحد مقاطع الفيديو التي بثها ناشطون سوريون من مدينة حمص التي أعلنتها المعارضة "مدينة منكوبة" قبل أسابيع، مئات من المواطنين بانتظار دورهم في تبديل "جرات الغاز"، التي تشرف على توزيعها الدولة عادة.

ووصف الناشطون المشهد، بأنه "أطول طابور لانتظار الحصول على جرة غاز في العالم".

وهيمنت الأزمة على نقاشات مجلس الشعب السوري، الذي ناقش بجلسة له الخميس الماضي، مشروع لجنة مكلفة بدراسة آلية توزيع مادة المازوت على الأسر السورية، وإعادة النظر بمخصصات كل مدينة على حده.


تبادل الاتهامات



ورغم إصرار الحكومة السورية على أن البلاد "تعيش حالة اقتصادية جيدة ويردد مناصروا الرئيس السوري عبارة "سورية بخير"، إلا أنها عزت النقص في إمدادات الغاز الذي ينقل بواسطة القطار والصهاريج إلى دمشق، بسبب توقف القطار منذ أسبوعين عن نقل الغاز، نتيجة الأعمال الإرهابية التي تقوم بها المجموعات المسلحة في محافظة حمص.

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن وزير النفط والثروة المعدنية سفيان العلاو، إن وحدات تعبئة الغاز في سورية تعمل بطاقتها القصوى وتنتج يوميا أكثر من 245 ألف اسطوانة غاز تغطي الحاجة. مضيفاً أن كميات الغاز المنتجة في وحدة تعبئة الغاز في محافظتي دمشق وريفها بلغت 60 ألف اسطونة يومياً، وهي طاقتها القصوى.

لكن المحتجين السوريين، اتهموا حكومة بلادهم، بتوجيه مقدرات الدولة للعملية العسكرية التي تشنها السلطات السورية في أنحاء مختلفة من البلاد، وتعمّد توريد المواد الأساسية إلى المدن والأحياء المعارضة للنظام.

واعتبر الناشط السياسي هادي العبد الله من مدينة حمص، أن الآليات العسكرية التي يتطلب تحركها كميات كبيرة من الوقود، وممارسة النظام السوري سياسة العقاب الجماعي على المدن والأحياء المنتفضة، هي أهم أسباب النقص الحاد في المواد الأساسية، مشدداً على أن هذه النقص قلّما يلاحظ في الأحياء الموالية للنظام.